ـ (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) .. الهاء فى «كلّمه» يجوز أن يعود إلى الملك .. أي فلما كلم الملك يوسف.
وهنا يكون كلام محذوف ، تقديره ، فلماء جاء يوسف كلمه الملك قائلا : (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) أي موضع الثقة والائتمان ..
ويجوز أن يكون هذا الضمير عائدا إلى يوسف ، بمعنى فلما جاء يوسف وكلم الملك ، ورأى فى حديثه معه عقلا راجحا ، ورأيا سديدا ، قال له : (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ ..)
(قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
خزائن الأرض : ما تخرجه الأرض من ثمار الفاكهة والحبّ .. وسمّى ذلك خزائن الأرض ، لأنها تخزنه فى كيانها إلى أن يظهره الجهد الإنسانى ، ويكشف عنه ، بالغرس ، والسقي ، وغير هذا ، مما يحتاج إليه الزرع كى ينمو ويثمر ..
لقد طلب يوسف أن يتولى بنفسه الوظيفة التي يحسن القيام بها ، والتي كشف عن مضمونها فى تأويل رؤيا الملك .. فهو يريد أن يحقق هذا التأويل الذي تأوله ، وأن ينفّذه على الصورة التي تأولها عليه .. إنه هو الطبيب الذي كشف عن الداء ، وليس أحد أولى منه بمعالجة هذا الداء والطبّ له ، والإشراف على المريض ، حتى تزول العلة ، ويذهب الداء ..
ـ وفى قوله تعالى : (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) إشارة إلى الصفات التي تؤهله لهذا الأمر الذي ندب نفسه له ، والتي بغيرها لا يتحقق النجاح ، ولا يؤمن الزلل والعثار .. وأبرز تلك الصفات هنا صفتان .. هما : الحفظ ، والعلم .. والحفظ