الخمسين إلى الأربعين ـ قال موسى : ارجع إلى ربّك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك لا تطيق ذلك .. ثم تمضى الرواية فنقول : إن النبىّ ما زال يراجع ربه ، فيخفف عنه ، ثم يعود إلى موسى فيطلب منه أن يسأل زيادة فى التخفيف .. فكانت ثلاثين ، ثم عشرين ، ثم عشرة .. ثم خمسة .. وعندها قال النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لموسى : «لقد استحيت من ربى» ..!! وبهذا أصبحت فريضة الصلاة خمسا فى العمل وخمسين فى الأجر!!.
هذه الرواية تشير إلى أمور .. منها :
أولا : أن تجعل لموسى عليهالسلام ، ما يشبه الوصاية على النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وهذا من شأنه أن يجعل لليهود منزلة على المسلمين أشبه بهذه المنزلة .. هذا ، إذا جعلنا فى اعتبارنا أن هذا الخبر المدسوس ، إنما يحدّث به المسلمون ، دون أن يرى أحد أن لليهود شأنا فيه ، إذ كانوا ينكرون نبوّة النبىّ أصلا ، فكيف يعترفون بعروجه إلى السماء! وهذا ما يجعل لهذا الحديث ، هذا الأثر الذي أشرنا إليه!
وثانيا : ما وجه الحكمة فى أن يكون من تدبير الله سبحانه وتعالى أن تجىء فريضة الصلاة على هذا الأسلوب الذي يشبه أسلوب المناقصات!! والذي يبدأ بخمسين صلاة ، ثم ينتهى بخمس صلوات؟ وما الحكمة فى أن يغدو النبىّ الكريم ، ويروح بين موسى وربّه كل هذه الغدوات والروحات؟ ألا غدوة وروحة واحدة تكفى إن كان لا بد من هذا؟.
إن ذكاء واضع هذه الرواية قد أبى عليه إلّا أن يجيب عن هذه التساؤلات ، وأن يكشف عن وجه الحكمة فى هذا ، فيجعل من تمام الرواية : «أنها خمس فى العمل وخمسون فى الأجر»!!