إذ هى مقولات ـ كما قلنا ـ يجد كثير من المسلمين حرجا فى دفعها ، والوقوف لها .. لأنها كلّها ـ كما تبدو فى ظاهرها ـ تمجيد فى مقام النبىّ ، وإعلاء لقدره ، وإنه لأحبّ شىء عند المؤمن أن يمجّد مقام النبىّ ، وأن يعلى قدره! وإنه لا حرج فى هذا المقام من المبالغة والغلوّ .. فذلك خير ، والمبالغة فى الخير خير!!
هكذا يلقى كثير من المسلمين تلك المقولات التي تقال فى «الحقيقة المحمدية» .. حيث يستقبلها المسلم بمشاعره ، فيجد فيها ريحا طيبة ، تحدّث عن مقام النبوة ، وكمالها ، فتتخدّر لذلك مشاعره ، وتغيب مدركاته ، وإذا هو مهيأ لقبول كل ما يقال فى هذا المقام .. فإذا صحا بعد هذا ، وجد كلمات كثيرة قد علقت بصدره ، ودارت فى كيانه ، تحدّث عن النبىّ بأنه النّور الذي خلق منه هذا الوجود ، وأنه الرّوح العظمى التي سرت فى هذه الكائنات .. وأنه لولاه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما خلق الله هذا الوجود ، ولما كانت أرض ولا سماء ، ولا شمس ولا قمر ، ولا كواكب ولا نجوم ، ولا ملائكة ولا لوح ولا قلم! إلى غير ذلك من المقولات التي تقال فى «الحقيقة المحمدية»! مما لا مستند له من كتاب ، أو سنّة ، أو عقل ..
فالقرآن الكريم ، يقرر فى مواضع كثيرة منه أن «محمدا» بشر من رأسه إلى أخمص قدمه ..
فيقول سبحانه وتعالى ، آمرا نبيّه الكريم أن يعلن الناس به : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (١١٠ : الكهف) ويقول سبحانه : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) (٩ : الأحقاف).
فهو ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فى الناس ، واحد من النّاس .. وهو ـ