إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٧٥ : النمل) وكما يقول تبارك وتعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها .. إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (٢٢ : الحديد).
فالذى يفهم من هذا الحديث ـ إن صحّ ـ أنه يحدّث عن علم الله سبحانه وتعالى ، وأن النبي صلىاللهعليهوسلم كان فى علم الله نبيا قبل أن يخلق آدم ، ويتحقق له وجود على هذه الأرض .. وليس هذا شأن النبي وحده ، بل هو شأن كل مخلوق ، إذ كان فى علم الله على تلك الصفة التي جاء ، أو يجىء عليها ، قبل أن يخلق آدم ، بل وقبل أن يخلق أي مخلوق فى السموات والأرض .. إذ قبل الخلق ، كان العلم ، وفى مستودعات هذا العلم كانت المخلوقات جميعها ، قبل أن تخلق وتبرز من عالم الغيب إلى عالم الشهادة.
وعلى هذا ، فلك أن تقول كنت جالسا على هذا الكرسي الذي أجلس عليه ، أو نائما فى هذا المكان الذي أنام فيه ، أو آكلا من هذا الطعام الذي آكل منه. إلى غير ذلك مما أنت فيه من شئونك وأحوالك ـ لك أن تقول : «كنت على هذه الحال ، أو على هذا الشأن ، وآدم بين الماء والطين ، وكنت على تلك الحال وهذه الشأن ولا آدم ولا الطين ..»!!
وبعد ، فإن الحقيقة المحمدية ليست هى تلك الصورة المشوهة المضطربة التي تتراقص فى عالم الخيالات والأوهام ، والتي تسبح فى سموات من الدخان والضباب .. وإنما هى تلك الحقيقة التي عاشت فى هذه الدنيا ، فكانت نورا هاديا ، وسراجا منيرا ، يجلّى غياهب الظلمات ، ويكشف للناس الطريق إلى الله ، وإلى الحق ، والخير .. ذلك هو محمد رسول الله ، كما ينبغى أن يراه المسلم ، وذلك هو «محمد» رسول الله ، كما وصفه ربه جلّ وعلا : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ