فماذا فى هذا الحديث؟ بل ماذا وراءه مما يسر أو يعلن من الحقيقة المحمدية؟
ولكن قبل أن نجيب على هذا ، نسأل القائلين بالحقيقة المحمدية عن معنى منطوق الحديث : «كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين .. وكنت نبيا ولا آدم ولا الطين! ..»
أين كان «محمد» صلوات الله وسلامه عليه قبل آدم؟
يقولون فيما يقولون : إنه كان درة أو ياقوتة فى العرش!
ونقول لهم بما يقوله الله سبحانه وتعالى فى المشركين الذين جعلوا الملائكة إناثا : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ؟ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ .. وَيُسْئَلُونَ) (١٩ : الزخرف) أفشهد هؤلاء القائلون بتلك المقولة ـ أشهدوا خلق محمد؟
ثم نسأل ، هؤلاء القائلين بالحقيقة المحمدية : أين كان «محمد» قبل أن يولد لأبويه: عبد الله بن عبد المطلب ، وآمنة بنت وهب؟»
يقولون إنه ما زال منذ آدم يتنقل من الأصلاب الزاكية إلى الأرحام الطاهرة إلى أن ولد! ونقول : إنّ كل إنسان تنقّل منذ آدم من الأصلاب ، إلى الأرحام ، حتى انتقل من صلب أبيه إلى رحم أمّه .. فماذا فى هذا؟
والحديث الذي يقول : «كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين ...» إن صحّ ـ فإنه لا يخرج عن هذا المعنى ، الذي فهمناه عليه. إذ تنقّل ويتنقل الناس جميعا فى أصلاب الآباء ، وأرحام الأمهات!
فالحديث ـ إن صحّ ـ يشير بهذا إلى تلك الحقيقة التي يؤمن بها المؤمنون بالله ، وهى أن علم الله سبحانه وتعالى ، قد وسع كل شىء ، وأن هذه الموجودات كلها ، فى ملكوت السموات والأرض ، هى فى علم الله سبحانه وتعالى ، وأنها فى كتاب مكنون ، كما يقول سبحانه جلّ شأنه : (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ