وأكثر من هذا كيدا ، ومكرا ، ما أدخلوه على حديث الإسراء ذاته من زور الأحاديث ، التي أخذها عنهم بعض العلماء ، عن غفلة ، ونيّة حسنة ، باعتبار أن هذه الأحاديث المبالغ فيها تعالى من قدر النبىّ ، وترفع من شأنه .. وما دروا أن تلك المفتريات إذ تجتمع مع الحقّ ، تبعث حوله الشك والاتهام ، الأمر الذي يذهب بجلال الحقيقة وروعتها ، وإنما مردّ ذلك الجلال ، وتلك الروعة ، إلى قربها من الطبيعة البشرية ، ومداناتها للواقع المألوف .. وحسبنا شاهدا لهذا ، القرآن الكريم ، فى إعجازه الذي قصرت عن مداناته أيدى الإنس والجن ، ومع هذا ، فهو من كلام لم يخرج عن مألوف اللسان العربىّ ، ولم يجاوز حدود اللغة العربية!
وسنرى فى حديث الإسراء ، ما دخل على هذا الحديث من دسّ اليهود وكيدهم ، الأمر الذي ألقى شبها كثيرة عند من يستمعون إلى هذا الحديث وما اختلط به ، فلا يدرى المؤمن ماذا يأخذ من هذه الأحاديث وماذا يدع ، فلو أنه أخذها جملة لما اطمأن إليها قلبه ، ولما سكن إليها عقله ، ولو أخذ بعضا وترك بعضا ، لفقد الثقة فيما أخذ أو ترك .. جميعا!!
[مناسبتها للسورة التي قبلها]
ختمت سورة النحل ، التي قبل هذه السورة بقوله تعالى : (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ* إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
وهذا الختام يحدّث عما كان يعانيه الرسول الكريم من ضيق ، وما يجده فى نفسه من مشاعر الحزن والألم ، لما يلقى من قومه وأهله من كيد ، وما يرى فيهم من عناد وإصرار على الكفر والضلال .. فناسب ذلك أن يذكر معه ، ما كان من فضل الله على النبي الكريم ، بهذه الرحلة المباركة التي رأى فيها النبىّ