الكريم ما رأى من آيات ربّه ، فوجد فى هذا ، الروح لنفسه ، والانشراح لصدره ، والعزاء الجميل من مصابه فى أهله ..
ولعلّ فيما حدّث به ختام سورة النّحل ما يكشف عن بعض حكمة الإسراء ، وأنه ـ كما سنرى ـ كان استضافة للنبىّ الكريم فى رحاب الملأ الأعلى ، ليستشفى مما نزل به من ضيق ، وما ألمّ به من ألم ، فى هذا الصراع الذي كان محتدما بينه وبين قومه ، حتى لقد كانت تتنزّل عليه آيات الله تدعوه إلى أن يرفق بنفسه ، وأن يتخفف من مشاعر الحزن على أهله ، ألا يكونوا مؤمنين. وفى هذا يقول سبحانه (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) (٨ : فاطر) ويقول جلّ شأنه : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٩٩ : يونس) ويقول سبحانه : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٥٦ : القصص) .. ويجتمع هذا كله فى قوله تعالى فى آخر سورة النحل : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) ..
فناسب هذا الختام للسورة أن تجىء بعدها سورة الإسراء ، وما كشف الله لنبيه فى هذه الرحلة المباركة من جلال ملكوته ، وما أراه من أسرار علمه وحكمته!
بسم الله الرّحمن الرّحيم
____________________________________
الآية : (١)
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (١)
____________________________________