تخوف الرحل منها تامكا قردا |
|
كما تخوف عود النبعة السّفن (١) |
فقال عمر : «أيها الناس .. تمسكوا بديوان شعركم في جاهليتكم ، فإن فيه تفسير كتابكم».
وأمر ابن العباس ـ رضى الله عنه ـ فى موقفه من الشعر الجاهلى ، وحفظه له ، وإنشاده إياه في مسجد الرسول ـ أظهر من أن ينبه عليه ، فلقد كان صدره ـ رضوان الله عليه ـ خزانة هذا الشعر ، كما كان قلبه ، مستودع القرآن الكريم ، حفظا ، وعلما.
ونشكّ كثيرا في أن أحدا من الصحابة ، لم يلتفت إلى هذا الشعر ، ويتمثل به في موقف أو أكثر من موقف!.
وكيف بعقل أن يكون الأمر في شأن الشعر على غير هذا ، وقد كان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ يرون الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يلتفت إلى الشعر ، ويلفت إليه ، وإن لم يكن شاعرا ، وما ينبغى له أن يكون ، كما يقول سبحانه وتعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) (٦٩ : يس). ذلك لأن في الشعر ـ كما قلنا ـ خيالا ، وفيه شطحات بعيدة مغربة عن الواقع .. وهذا ما لا يطوف منه طائف بآيات الله وكلماته .. ولهذا جاء قوله تعالى تعقيبا على هذه الآية : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ).
ولكن ـ مع هذا ، فإن في الشعر عيونا متخيرة من الحكمة .. ومن أجل هذا ، كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه ـ يلتفت إلى الشعر ، ويلفت إليه
__________________
(١) هذا الشعر في وصف ناقة ، طالت بها الأسفار ، فنحل وبرها ، وهزل جسمها .. والتامك : السنام .. والقرد : الذي تجعد شعره من الهزال والضعف والنبع : شجر القسي ، والسفن : أداة تنحت بها العصى ونحوها حتى تسوى وتصقل.