كل طبقة على من هي تحتها .. وبذلك أغرى الناس بالناس ، وشغل بعضهم ببعض!.
وقوله تعالى : (يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) المراد بالطائفة هنا هم بنو إسرائيل .. وإذا كان فرعون قد استضعف الناس جميعا ممن هم تحت سلطانه ، فإنه بالغ في استضعاف هذه الجماعة ، وأخذها بالبأساء والضراء .. فهو يذبح أبناءهم ، حتى يقطع نسلهم ، ويستحيى نساءهم ، أي يمتهنهن ، ويفضح سرهن ، فلا يرعى لهن حرمة ، ولا يبقى لهن على حياء!.
ـ وقوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) ـ هو الوصف الجامع لمساوىء فرعون ـ إنه لا يفعل إلا ما كان من واردات الفساد .. فهو كيان فاسد ، لا يصدر عنه إلا ما هو فاسد ..
قوله تعالى :
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ).
هو معطوف على إرادة لفرعون ، التي كان يقصد إليها من وراء هذا الإدلال للناس ، وما يأخذهم به من ذبح الأبناء ، واستحياء النساء ، وهو التمكين لسلطانه ، وازدياد هذا السلطان علوا ، بازدياد الناس من تحته نزولا وانحدارا .. فهو يريد هذا ، والله سبحانه يريد أن يمن على هؤلاء المستضعفين .. وإرادة الله هي الغالبة ..
وهذا هو بعض السر في قوله تعالى : (وَنُرِيدُ) يتعلق الفعل بالمستقبل ،