سبحانه : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ ، فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) (٤١ : الشورى).
وفي قوله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) .. تهديد لهؤلاء الشعراء من المشركين ، الذين يعتدون بشعرهم الآثم على الناس ، ويمزّقون الحرمات ، ويهتكون الأعراض .. ثم هو من جهة أخرى ـ تحذير لشعراء المسلمين من أن يعتدوا ويظلموا ، وأن يجاوزوا الحدّ الذي يأخذون فيه بحقّهم ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (١٩٠ : البقرة)
وقد فهم كثير من الناس ـ ومن المسلمين ـ نظرة الإسلام إلى الشعر ، وإلى الفنون عامة ، فهما خاطئا ، إذ أخذوا بظاهر النصّ القرآنى ، ولم ينفذوا إلى شىء من وراء هذا الظاهر ، الأمر الذي يدعونا إلى أن نقف وقفة قصيرة عند هذه القضية ، قضية الشعر ، وموقف الإسلام منه.
(الشعر .. ونظرة الإسلام إليه)
الشعر طبيعة في الإنسان ، وهو فن من الفنون الإنسانية الجميلة ، وليس هناك أمة من الأمم أو جماعة من الجماعات ، لم يكن الشعر أداة من أدوات التعبير الجارية على لسانها .. والأمة العربية ، بخاصة ـ كان الشعر إدام حياتها في هذه الحياة القاسية المجدبة ، التي كانت تعيش فيها قبل الإسلام .. ـ كما سنعرض لذلك بعد قليل ـ وإذا كان الشعر على تلك الصفة في حياة الناس ، وفي حياة العرب بخاصة ، فإن الإسلام بسماحته وإنسانيته ، لا يمكن أن يقيم حظرا على هذا المتنفّس ، الذي تنطلق منه مشاعر الناس ، وتغرد على أوتار ألسنتهم بلا بله ..!
والذي كان من الإسلام هنا ، فى هذا الوصف الذي وصف به الشعراء ،