هو ردّ على هؤلاء المشركين الذين يتحدّون النبىّ باستعجال العذاب الذي ينذرهم به ، إذا هم لم يؤمنوا بالله ، ولم يصدّقوا رسوله ، وفي هذا يقول سبحانه وتعالى عنهم : (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣٢ : الأنفال).
ـ وقوله تعالى : (وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) ... والأجل المسمّى هو ما قدّره الله تعالى في علمه ، ووقّت له وقته الذي يقع فيه ، بما قضى به في عباده ... وإن أي أمر لا يقع إلا في وقته الموقوت له .. وإنه لو لا هذا الأجل الموقوت للعذاب المرصود لهؤلاء المشركين ، لوقع بهم عند طلبهم له ... فلم يستعجلون هذا البلاء؟ إنه لواقع بهم لا محالة ، ولكنه سيأتيهم من حيث «لا يشعرون ... لأنهم لا يتوقعونه ، ولا يعملون على توقّيه بالإيمان والعمل الصالح ، فإذا وقع بهم دهشوا له ، وبغتوا به! وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ... والعذاب هنا ، هو العذاب الأخروى ، كما يفهم من الآية التالية ... والبغتة : المباغت المفاجئ.
قوله تعالى :
(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ).
هنا استفهام إنكارى ، أي أيستعجلونك بالعذاب؟ وكيف يستعجلون به ، وهو واقع بهم فعلا؟ إنهم سائرون على الطريق الذي يهوى بهم في جهنم ... فهم بما هم عليه من كفر وضلال ، واقعون في دائرة العذاب ، ولن يخلصوا من العذاب إلا إذا تخلصوا من كفرهم ، وتطهروا من شركهم ، ودخلوا في حظيرة الإيمان ...
قوله تعالى :
(يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).