وعلى هذا ، فإنه وقد سلّم بأن الله هو الذي خلق السموات والأرض وسخّر الشمس والقمر ، لا بد أن يسلّم بأنه سبحانه هو الذي يملك كل ما فى السموات وما فى الأرض ، وأنه هو سبحانه الذي يصرّف كل شىء فيهما .. فما ينزل من السماء من ماء ، فهو من أمر الله ، ومن قدرته ، وتدبيره .. وما يحدث هذا الماء من آثار فى الأرض ، فهو من أمر الله ، ومن قدرته ، وتدبيره ..
وإذن ، فلا جواب لهؤلاء المشركين إلا الإقرار ، بأن الله هو الذي نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها .. فهذا من ذاك ، أو من بعض ذاك ..
ـ وقوله تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) هو تعقيب على هذا الإقرار ، الذي ألجأ المشركين إليه ، ما طلع عليهم من آيات الله ، فأنوا إليه مذعنين .. وهذا مما يجدد للمؤمن نظرا إلى نعم الله ، حيث قهر جلالها المشركين الضالين ، فاعترفوا برب هذه النعم ، وأضافوها إليه .. وإن الحمد والولاء لله ، هو ما ينبغى أن يسبّح به المؤمن فى هذا المقام ، مقام تلك النعمة الجليلة ، وهى نزول الماء من السماء ، وما لهذا الماء من آثار فى بعث الحياة فى الحياة!.
والأمر هنا فى قوله تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) هو للنبى صلىاللهعليهوسلم ، ولكل مؤمن ، يتلقى هذا الجواب ، على هذا السؤال : من نزل من السماء ماء فأحيا به على الأرض من بعد موتها؟ سواء أكان الجواب على هذا السؤال واردا عليه من ذات نفسه ، وهو يدير نظره فى هذا الوجود ، أو تلقاه من غيره ، جوابا على سؤال!
وفى قوله تعالى : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) إشارة إلى ما ركب كثيرا من هؤلاء المشركين من جهل ، وما تغشّاهم من ضلال ... وأنهم لا يرون