إليه ، ويعمل له .. إنه المستقبل الذي ينتظره ، والذي يأخذ فيه مكانه بين الناس وينزل منه منزلته ، حسب ما قدم لهذا المستقبل من جهد ، وما بذل من عمل .. تماما كما هو الشأن فى حياة الإنسان فى هذه الدنيا ، فإن مكانه فى الرجال ، ومنزلته فى الناس إنما تتحدد بما كان منه من سعى وعمل فى دور الصبا والشباب ... فإذا لها المرء فى صباه ، وعبث فى شبابه ، أسلمه ذلك إلى حياة ضائعة وإلى مستقبل أسود كئيب!
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا |
|
ندمت على التفريط فى زمن البذر |
وفى قوله تعالى : (لَهِيَ الْحَيَوانُ) بدلا من «لهى الحياة» ـ إشارة إلى أن الحياة الآخرة هى الحياة ، بل هى أصل الحياة ، وما سواها من حيوات ، ظل لها ، أو فرع منها ..
وقوله تعالى : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) .. اتهام لهؤلاء المشركين بالجهل والغباء ، وأنهم لو كانوا على شىء من العلم لما عموا عن هذه الحقيقة ، ولما آثروا الفانية على الباقية ، ولما اشتروا الضلالة بالهدى ... فإن العاقل العالم ، من شأنه أن يميز الخبيث من الطيب ، ويفرق بين الغث والثمين.
قوله تعالى :
(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) أي أن هؤلاء المشركين اللاهين الغافلين ، الذين أعماهم الضلال عن الآخرة ، وعن العمل لها ، وعن ذكر الله ذكرا خالصا ـ هؤلاء يظلون سادرين فى لهوهم وشركهم ، حتى إذا ركبوا فى الفلك ، واستشعروا الخطر ، ذكروا الله ، وفزعوا إليه ، وأسلموا وجوههم له ، مخلصين له الدين ، لا يذكرون وجها من وجوه آلهتهم ، ولا يهتفون باسم معبود من معبوداتهم