والمنكر ، إذ كان ذكر الله حاضرا فى قلبه مستوليا على مشاعره ، يملأ كيانه خشية ، وخوفا ، من العدوان على حدود رب العالمين.
وهذا الأمر الذي حملته الآية : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) ـ وإن كان دعوة للنبى الكريم ، فهو أمر للمؤمنين بالله ، الذين اتبعوا النبي ، ودانوا بالشريعة التي جاءهم بها من ربه.
ومن محامل هذه الدعوة تلاوة ما أوحى إلى النبي من آيات الله ، على أهل الكتاب ، وتبليغهم رسالة الإسلام ، إذ ليس المراد من التلاوة ، مجرد التلاوة ، وإنما المراد هنا ، إعلان الناس بها ، وإسماعهم آيات الله وكلماته ...
وأهل الكتاب حين يسمعون كلمات الله التي يتلوها النبي والمؤمنون ، لا يلقونها على وجه واحد .. فكثير منهم يلقونها بالبهت والتكذيب ، وقليل منهم أولئك الذين يلقونها بالقبول والتسليم ..
وإذ كانت الدعوة الإسلامية قائمة على الحجة والإقناع ، وبين يديها الحجة القاطعة والبرهان المبين ـ فإن أي عقل سلم من آفات الهوى ، وخلص من أسر الضلال ، لا يجد سبيلا إلى المماحكة والمجادلة في آيات الله ، بل يستجيب لها ، ويسلم زمامه إليها ... أما من كان فى عقله سقم ، وفى قلبه مرض فلن يذعن للحق ، ولن يأخذ طريقه أبدا ... شأنه في هذا شأن أصحاب العلل والآفات ، التي تصيب العيون بالعمى ، والآذان بالصمم ، والأنوف بالزكام ، والأفواه بالبخر ...!
ومن هنا كان الذين يجادلون في آيات الله من أهل الكتاب ، إنما