وأعطوها ما شاءوا لها من أسماء ، وجعلوها آلهة يعبدونها من دون الله ، وقالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) .. ثم إنهم حين جاءهم رسول الله ، يكشف لهم وجه هذا الباطل ، ويفضح هذا الزّور ، ويقيم لهم طريقا إلى الله ، قائما على الحق ـ كذّبوه ، ولم يقبلوا الهدى الذي معه .. إن ذلك جرم غليظ ، لا تتسع له أية عقوبة فى هذه الدنيا ، وإنه ليس إلا جهنّم ونكالها ، وبلاؤها ، جزاء يجزى به هؤلاء الكافرون .. (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ)؟ وبلى .. إن فيها لمكانا لكل من كفر بالله ، وكذّب بآيات الله.
قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
بهذه الآية الكريمة تختم السورة ... فيلتقى ختامها مع بدئها ، ولقد بدئت السورة بإيذان المؤمنين بالابتلاء ، وملاقاة الفتن على طريق الإيمان ، وأن استمساك المؤمن بإيمانه يقتضيه جهادا وتضحية ، بالنفس والمال ، والأهل والولد ، والوطن ، وكما يقول سبحانه : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) كما يقول سبحانه فى آية أخرى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً) (١٨٦ : آل عمران).
وهذا الختام الذي ختمت به السورة ، هو وعد كريم من الله سبحانه وتعالى المؤمنين الذين يجاهدون فى سبيل الله ، ويحتملون ما يلقاهم على طريق الجهاد من ضرّ وأذى ـ أن يهديهم الله ، ويثبّت أقدامهم على سبيله ... لأنهم سعوا إلى الله ، فتلقاهم الله بإمداد عونه ، وتأييده ، ونصره ، فكان لهم الغلب ، وكانت لهم العزّة فى الدنيا ، وجنات النعيم فى الآخرة.
وفى قوله تعالى : (جاهَدُوا فِينا) ... إشارة إلى هذا الجهاد الذي يجاهده