المؤمن ، وأنه جهاد لله ، وفى سبيل الله ، وإعزاز دينه ، ونصر كلمته .. والله سبحانه وتعالى يقول : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) (٤٠ : الحج) .. ومعنى الجهاد فى الله ، الجهاد فى كل ما هو لله ـ مما جعله حمى له ، جل شأنه.
وفى توكيد الفعل «لنهدينّهم» توكيد لوعد الله ، وأنه وعد أوجبه الله سبحانه على نفسه ، كما يقول سبحانه : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (٤٧ : الروم)
وفى قوله سبحانه : (وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) تطمين لقلوب المؤمنين ، وإشعار لهم بأن الله معهم ، بعزته وقوته ، وسلطانه .. ومن كان الله معه ، فهو فى أمان من أن يذلّ أو يهون : (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢٢ : المجادلة)
وفى وصف المجاهدين فى سبيل الله بأنهم محسنون ، إشارة إلى أن الجهاد فى جميع صوره ، هو إحسان ، وأن المجاهد محسن ، لأنه يأخذ طريق الإحسان ، ويسلك مسالكه ، على حين أن غير المجاهد مسىء ، لأنه يركب مراكب الضلال ، ويهيم فى أودية الباطل ... فحيثما كان الإنسان مع الله سبحانه وتعالى ، فهو فى جهاد .. فإذا قهر المرء أهواء نفسه ، ووساوس شيطانه ، فهو مع الله ، وفى جهاد فى الله ... وإذا انتصر الإنسان لمظلوم ، فهو مع الله وعلى جهاد فى سبيل الله ... وإذا قال المرء كلمة الحقّ ، وردّ بها باطلا ، وسفّه بها ضلالا ، فهو مع الله ، وفى جهاد فى الله .. وإذا حمل المرء سلاحه ، ودخل الحرب تحت راية المجاهدين فهو مع الله ، وفى جهاد فى الله.
إن سبل الجهاد كثيرة ، وميادينه متعددة ... بالقول ، وبالعمل ، باللسان وبالسيف ، ولعلّ هذا هو السرّ فى جمع السبيل فى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) .. فهناك أكثر من سبيل يصل به المؤمن إلى الله ... لأنها جميعها قائمة على الحق ، والعدل ، والإحسان.
وصدق الله العظيم