فالمسلمون يؤمنون بالكتب السماوية إيمانا مجملا ، باعتبار أنها من عند الله ، وأنه إذا كان أهل الكتاب قد غيّروا وبدلوا فيما بين أيديهم من كتب الله ، من التوراة والإنجيل ، فإن هذه الكتب في أصلها حق من عند الله ، فما كان منها متفقا مع كتاب الله آمن المسلمون بأنه من عند الله ، وما خالف كتاب الله ، فما على المسلمين شىء منه ، وإنما إثمه على الذين بدلوا وحرفوا ...
على أنه مهما كان من اختلاف بين أهل الكتاب وبين المسلمين ، فإن هناك قضية لا يجوز الاختلاف فيها ، وهى الإيمان بإله واحد ، هو القائم على هذا الوجود ، وهو الذي أرسل الرسل ، وأنزل الكتب ... فإذا كان من أهل الكتاب من يختلف في هذه القضية ، فقد ناقض دعواه بأنه من أهل الكتاب ، وقطع السبب الذي يصله بالله ، وبرسول الله الذي حمل هذا الكتاب ... (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) (١٣٧ : البقرة).
قوله تعالى :
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ).
الخطاب للنبى الكريم ، من الله سبحانه وتعالى ، وأنه سبحانه قد أنزل عليه الكتاب ، كما أنزله على المرسلين من قبله ... فهو ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ كما يدعى إلى الإيمان بما أنزل على رسل الله ، فقد دعى المرسلون قبله إلى الإيمان بالكتاب الذي أنزل عليه ... وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) ... فالذين آتاهم الله الكتاب ، هم الرسل من أصحاب الكتب المنزلة ، وفي هذا يقول الله تعالى :