بأمّ إبراهيم وهي حبلى ، فولدت له إبراهيم بن أدهم بمكة ، فجعلت تطوف به على الخلق في المسجد وتقول : أدعو لابني أن يجعله الله عبدا صالحا (١).
قال ابن مندة : سمعت عبد الله بن محمد البلخيّ ، سمعت عبد الله بن محمد العابد ، سمعت يونس بن سليمان البلخيّ يقول : كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف ، وكان أبوه شريفا كثير المال والخدم والجنائب والبزاة (٢) ، بينما إبراهيم يأخذ كلابه وبزاته للصيد وهو على فرسه يركضه ، إذا هو بصوت من فوقه : يا إبراهيم ، ما هذا البعث (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) (٣). اتّق الله ، وعليك بالزّاد ليوم الفاقة ، قال : فنزل عن دابّته ورفض الدنيا (٤).
أخبرنا أحمد بن هبة الله ، عن زينب بنت الشغريّ ، أنا عبد الوهاب بن شاه ، أنا أبو القاسم القشيريّ (٥) قال : ومنهم إبراهيم بن أدهم ، كان من أبناء الملوك ، فخرج يتصيّد ، وأثار ثعلبا أو أرنبا وهو في طلبه ، فهتف به هاتف : ألهذا خلقت أم لهذا أمرت؟ فنزل عن دابّته وصادق راعيا لأبيه ، وأخذ جبّته الصّوف فلبسها ، وأعطاه فرسه وما معه ، ثم إنّه دخل البادية إلى أن قال : ومات بالشام ، وكان يأكل من عمل يده ، مثل الحصاد ، وحفظ البساتين. ورأى في البادية رجلا علّمه اسم الله الأعظم ، فدعا به بعده فرأى الخضر وقال : إنّما علّمك أخي داود الاسم الأعظم.
قلت : أسندها أبو القاسم في رسالته (٦) فقال : أخبرني بذلك أبو
__________________
(١) في حلية الأولياء ٧ / ٣٧١ أن إبراهيم بن شماس قال : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : كان أدهم رجلا صالحا فولد إبراهيم بمكة فرفعه في خرقة وجعل يتتّبع أولئك العبّاد والزّهاد ويقول : ادعوا الله له ، فيرى أنه قد استجيب لبعضهم فيه.
أقول : الواضح أن الّذي طلب الدعاء له هنا هو أبوه وليس أمّه.
(٢) البزاة : جمع بازي ، وهو نوع من الصقور.
(٣) سورة : المؤمنون ـ الآية ١١٥.
(٤) انظر الحكاية مفصّلة في : حلية الأولياء ٧ / ٣٦٨ و ٣٦٩ ، وتاريخ دمشق ٥ / ٥٩ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٢ / ١٧٢ ، وصفة الصفوة ٤ / ١٥٢.
(٥) في الرسالة القشيرية ٨.
(٦) المصدر نفسه.