قال : نعم ، كنّا يوما صياما ، فلمّا كان الليل لم يكن لنا ما نفطر عليه ، فلمّا أصبحنا قلت : يا أبا إسحاق ، هل لك في أن نأتي الرّستن (١) فنكري أنفسنا مع الحصّادين؟ قال : نعم ، فأتينا باب الرّستن ، فجاء رجل فاكتراني بدرهم فقلت : وصاحبي ، قال : لا حاجة لي فيه ، أراه ضعيفا ، فما زلت به حتى اكتراه بثلاثين (٢) ، فحصدنا يومنا ، وأخذت كرائي ، فأتيت به ، فاشتريت حاجتي ، وتصدّقت بالباقي ، فهيّأته ، وقدّمته إليه ، فلمّا نظر إليه بكى ، قلت : ما يبكيك؟ قال : أمّا نحن فقد استوفينا أجورنا ، فليت شعري أوفينا صاحبنا أم لا؟ قال : فغضبت ، قال : ما يغضبك؟ أتضمن لي أنّا وفيناه؟
فأخذت الطعام فتصدّقت به (٣).
ضمرة : سمعت إبراهيم بن أدهم قال : أخاف أن لا يكون لي أجر في تركي أطائب الطعام ، لأنّي لا أشتهيه ، وكان إذا جلس على طعام طيّب رمى إلى أصحابه ، وقنع بالخبز والزيتون (٤).
محمد بن ميمون المكّيّ : ثنا سفيان بن عيينة قال : قال رجل لإبراهيم بن أدهم : لو تزوّجت ، فقال : لو أمكنني أن أطلّق نفسي لفعلت (٥).
أحمد بن مروان : ثنا هارون بن الحسن ، ثنا خلف بن تميم قال : دخل إبراهيم بن أدهم الجبل بفأس ، فاحتطب ثم باعه ، واشترى به ناطفا ، وقدّمه إلى أصحابه فقال : كلوا كأنّكم تأكلون في رهن.
عصام بن داود بن الجرّاح : ثنا أبي قال : كنت ليلة مع إبراهيم بن أدهم بالثغر ، فأتاه رجل بباكورة ، فنظر حوله هل يرى ما يكافيه ، فنظر إلى سرجي فقال : خذ لك ذاك السّرج ، فأخذه ، فما داخلني سرور قطّ مثله حين علمت
__________________
(١) الرّستن : بفتح أوله وسكون ثانيه وتاء مثنّاة من فوق ، وآخره نون. بليدة قديمة كانت على نهر الميماس ، وهذا النهر هو اليوم المعروف بالعاصي الّذي يمرّ قدّام حماة. والرستن بين حماة وحمص في نصف الطريق. (معجم البلدان ٣ / ٣ / ٤).
(٢) في الحلية «بأربعة دوانق» وكذلك في تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ١٧٧.
(٣) حلية الأولياء ٧ / ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ١٧٧ ، ١٧٨.
(٤) تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ١٧٨.
(٥) تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ١٧٩.