قوله تعالى :
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) ..
هو أمر للنبىّ الكريم بأن يعرض عن هؤلاء الأشقياء ، وبدعهم للمصير المشئوم الذي هم صائرون إليه ، مع ضلالهم وكفرهم .. وإنه ليس على النبي لوم فيما سيلقاهم من بلاء ونكال ، بعد أن بلّغهم رسالة ربهم هذا البلاغ المبين الذي احتمل فى سبيله ما احتمل من سفه السفهاء ، وجهل الجاهلين ..
قوله تعالى :
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).
هو معطوف على قوله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أي فتولّ عن هؤلاء المعاندين الضالين ، ولا ترهق نفسك بالجري وراءهم ، ولكن ذلك لا يمنعك من أن تقوم على دعوتك ، وأن تؤذّن بها فى الناس .. فذلك هو شأنك ، ودأبك ، وهو أسلوب رسالتك التي تدعو إليها .. (إِنَّها تَذْكِرَةٌ .. فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) (٥٥ : المدثر) .. (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (٢١ ، ٢٢ الغاشية) .. (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (٢٧ ، ٢٨ التكوير)
فعرض الدعوة على الناس ، وكشف معالم الهدى لهم ، بما يتلى عليهم من آيات الله .. وإن لم يلتفت إليه كثير منهم ، ولم يأخذوا طريقهم إليه أمر مطلوب من النبي ، فإن كثيرا من الناس ينتفعون به ، ويقيمون وجوههم عليه ، كما أن المؤمنين الذين آمنوا بالله ، واستجابوا لدعوة الحق ، يزيدهم هذا التذكير إيمانا ، ويقع من قلوبهم موقع النفع ، فيقوّى يقينهم ، ويثبت أقدامهم على طريق الحق ..