الوجود ، ما نعلم منها وما لا نعلم ، تسبح بحمد الله ، وتقوم بما خلقها الله له ..
وفى اختصاص الجن والإنس من بين المخلوقات ، بالذكر ، إشارة إلى أنهما هما المخلوقان اللذان لهما إرادة عاملة ، وهما بهذه الإرادة يعملان ، فيؤمنان أو يكفران ، ويطيعان أو يعصيان ، ومن هنا وقع عليها التكليف ، وحقّ عليهما الحساب والجزاء ، بمقتضى ما يعملان من خير أو شر ..
وقد تكون هناك مخلوقات أخرى لها إرادة ، وعليها تكليف وحساب وجزاء ، ولكن الذي يقع فى محيط الإدراك الإنسانى ، هو ما يعلمه الإنسان من نفسه ، وما بلغه من رسالات الرسل ، كما كان علمه بالجنّ ، وأنهم مكلفون ، ومنهم المؤمنون ، ومنهم القاسطون .. كما أخبر بذلك رسل الله ..
قوله تعالى :
(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) ..
أي أن الله سبحانه وتعالى غنىّ عن عبادة عباده ، وعن إيمان المؤمنين به .. فما يريده سبحانه وتعالى من عبادة العابدين ومن إيمان المؤمنين ، هو لذات أنفسهم! وللخير الذي يحصّلونه من العبادة والإيمان ، وللجزاء الحسن الذي ينالونه بطاعتهم لله ، وولائهم له .. فليست هذه العبادة ، وهذا الولاء مما ينتفع الله سبحانه وتعالى بشىء منه. إن الله غنى عن العالمين : (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) (٧ : الزمر).