قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) ..
فالله هو الرزاق الذي يفيض رزقه على عباده ، ويمنحهم من فضله ما يمسك عليهم وجودهم ، ويقيم حياتهم ، وهو سبحانه ، ذو القوة القادرة المقتدرة ، بيده مقاليد السموات والأرض .. وإذ كان هذا شأنه سبحانه ، فإن أعمال خلقه من خير أو شرّ لا تجلب له خيرا أو ضرّا .. إنه سبحانه فوق المؤثرات ، خيرها وشرّها ، لأن التأثر عارض يعرض للمخلوقات التي تقبل بطبيعتها الزيادة والنقص .. والله سبحانه ، الكامل الكمال المطلق ، الذي لا يقبل زيادة أو نقصا ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ..
قوله تعالى :
(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) ..
هو وعيد للذين لم يستجيبوا لله ، ولم يؤمنوا به ، فأوقعوا بأنفسهم ظلما فادحا ، يتجرعون منه كؤوس البلاء والعذاب ..
والذّنوب : الدلو ، أو السّجل ، يملا ماء ، والمراد به هنا ذنوب مملوء عذابا لهؤلاء الظالمين ، مثل ما يملأ لأصحابهم الذين سبقوهم من أهل الضلال ، وذلك على عادة العرب فى الاستقاء من الآبار ، حيث يتساجلون ، فيملأ هذا دلوا ، والآخر دلوا ..
وقوله تعالى : (فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) تهديد ووعيد لهم ، بأن هذا الذي يستعجلونه من العذاب ، استخفافا به وتكذيبا له ، هو واقع بهم ، ويؤمئذ لا يجدون وليّا ولا نصيرا ..