الإنسان يوم القيامة : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) ـ نجد فى هذا إشارة إلى ما يقع لبصر الإنسان من تحول ، يزداد به قوة خارقة فى مجال الرؤية ، حيث يامع كما يامع البرق ، فيكشف بنوره المنبعث منه حقائق الأشياء ، وينفذ إلى الصميم منها ، وكأنه يراها لأول مرة ، رؤية جديدة ، تبدو فيها المفارقة بعيدة ، بين ما يراها عليه الآن ، وبين ما كان يراها عليه فى الحياة الدنيا .. وفى هذا يقول الله تعالى : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢٢ : ق).
هذه صورة مجملة للإنسان يوم القيامة ، ولموقفه من الموجودات فى هذا اليوم ..
فهو كائن سابح فى عالم علوىّ ، قد يبلغ فى سبحه هذا ، مدارج الكواكب والنجوم ، ثم هو فى هذا العلو السحيق يملك بصرا حديدا كاشفا لا يمكن تصوره ..
ومن هذا الأفق العالي ، وبهذا البصر الحديد النافذ ، ينظر الإنسان إلى هذه الأرض التي كان يعيش فيها .. فيرى الأرض غير الأرض ، والسماء غير السماء ..
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) (٤٨ : إبراهيم) إنه تبدل يقع فى إحساس الإنسان نفسه ، وفى معطيات بصره ..
إنه يرى البحار وكأنها قد فجّرت ، وفاضت مياهها .. إنه يرى البحر كله ، وقد اشتمل على الكرة الأرضية وأحاط بها ..
وإنه يرى الجبال وكأنها قد سيّرت ، وهى فى حقيقتها سائرة لا تتوقف ،