فى دورتها مع دورة الأرض حول نفسها ، كما يقول الله تعالى : (وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب (٨٨ : النمل) .. ويراها وكأنها وقد نسفت ، وزايلت مواضعها من الأرض ، شأن من ينظر إلى الأرض من علو شاهق ، فتبدو له وكأنها سطح مستو لا أغوار فيه ، ولا نجود .. ويراها من هذا العلو وكأنها العهن المنفوش ، أشبه بذرات متطايرة فوق سطح الأرض .. ويراها ، ويرى الأرض معها كرة معلقة فى الفضاء ، قد اندمج بعضهما فى بعض ، فصارا كيانا واحدا : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (١٠٧ : طه) .. (وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة) (١٤ : الحاقة) ..
هكذا تبدو الجبال ، على صور شتى ، بين الصغر والكبر ، وبين الظهور والخفاء ، حسب الأفق الذي يشرف منه الإنسان عليها يومئذ.
ولقد أحسن الشاعر «شوقى» غاية الإحسان ، فى تصوير الطائرة ، وهى تنطلق مصعّدة فى السماء ، وكلما ارتفعت كان لها فى موقع البصر صورة ، على غير سابقتها أو لا حقتها .. يقول شوقى :
ثم تسامت فكانت أعقبا |
|
فنسورا .. فصقورا .. فحماما |
* * *
أمّا السماء وعوالمها ، فإنه يقع عليها من التبدل والتحول ، فى نظر الإنسان ، ما وقع له فى العالم الأرضى من تحول وتبدل ..
إنه يرى السماء ، التي ـ كانت تبدو له فى دنياه سقفا صفيقا مصمتا ـ يراها ، وقد فتحت فكانت أبوابا ، وكانت فروجا ، وإذا سقفها هذا قد بدا واهيا ، لا يحول بينه وبين اختراق أجوائها إلى غير حدود ..