هو عرض على أسماع هؤلاء المجرمين المكذبين باليوم الآخر ـ لتلك المقولات الهازئة الساخرة التي كانوا يقولونها عن البعث ، والحساب ، والجزاء .. وكان من مقولاتهم تلك ، اتهام النبي بالكذب ، وبالسحر ، وأن ما يحدثهم به عن اليوم الآخر ليس إلا من قبيل الشعوذة والخداع! .. فهم يسألون هذا السؤال التقريعيّ ، الذي لا يجدون له جوابا إلا الإبلاس والوجوم ، وإلا الحسرة القاتلة ، والنّدم الأسود الكئيب! ..
(أَفَسِحْرٌ هذا؟) أي أهذا العذاب الذي ، تساقون إليه ، والذي كان يتلوه عليهم من آيات الله ـ أسحر هو؟
وإنه لأسلوب من أساليب العقاب ، أن يوقف المجرم على جسم جريمته ، وأن يواجه بها ، وأن يذكر بها حالا بعد حال ، وخاصة إذا كان بين يدى السلطان القاهر الذي يأخذه بجريمته ويوقّع عليه الجزاء الذي يستحقه ، فإن جريمته هى التي ساقته إلى هذا البلاء الذي هو فيه ، وإنها لهى العدوّ الذي ألقاه فى التهلكة!.
وفى قوله تعالى : (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) هو زيادة فى إبلامهم بأن ينظروا فى هذا العذاب ، وأن يملأوا عيونهم منه ، قبل أن يذوقوه بأجسامهم ، ويلبسوه ثيابا تقطّع لهم من تلك النار الموقدة أمام أعينهم ..
قوله تعالى :
(اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ..
هو دعوة أخرى لهؤلاء المكذبين ، إلى تذوق ما فى هذه النار التي دعوا