لا لغو فيها : أي لا تحمل هذه الكئوس فى كيانها ، هذا الداء الذي يخامر العقول ، ويفقدها الوعى ، فتخرج من وقارها إلى هذر الكلام ولغوه.
ولا تأثيم : أي لا إثم على شاربها ، فهى خمر ، وهى مع ذلك حلال لشاربها ..
ومن هنا ندرك السر فى تحريم الخمر ، والعلّة التي من أجلها كانت إثما يسوق مرتكبه إلى ساحة الاتهام والعقاب ..
فالإسكار ، هو علّة تحريم الخمر ، لا علّة له غيرها .. دون نظر إلى المادة التي يصنع منها ..
وعلى هذا ، فإن الخلاف القائم بين أصحاب المذاهب الفقهية فى تلك المباحث التي تبحث عن جواب هذا السؤال : ما هى الخمر؟ وما هى المادة التي تصنع منها؟ ـ إن هذا الخلاف لا محصّل له ، ولا داعية للوقوف عنده ، فى تقرير الحكم الشرعي للخمر .. فكل مسكر خمر ، وكل مغيّب للعقل ، ذاهب بوقاره ، داع له إلى اللغو ـ هو خمر ، وهو موقع على متعاطيه إثما ، هو إثم شارب الخمر ..
قوله تعالى :
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ)
أي ويطوف على أهل الجنة بتلك الكئوس المترعة بالخمر ، سقاة يقومون على خدمة شاربيها ، وهم غلمان كاللؤلؤ المكنون ، صفاء ، وحسنا ، وبهاء .. وهذا من تمام النعمة .. فإن الصورة التي يقدّم عليها الطعام أو الشراب من آنية توضع فيها ، وأدوات تستعمل فى تناولها ، وخدم يقومون بتقديمها .. كل ذلك وأشباهه ، يجعل للطعام طعما يضاف إلى طعمه الذاتي ، حسنا أو قبحا حسب