[الموت .. والحياة]
وفى قوله تعالى :
* (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ..)
ـ فى هذا تنبيه لهؤلاء الغافلين عن الحياة الآخرة ، وذلك إذا نظروا فرأوا أن هناك عمليتين تجريان عليهما ، وهما الموت والحياة .. فهاتان صورتان تتداولان الإنسان ، كما تتداولان عالم الأحياء كله .. فالكائن الحىّ ، كان ميتا ، أي عدما ، ثم أخرجته قدرة الله سبحانه إلى الحياة ، ثم تعيده تلك القدرة إلى الموت مرة أخرى .. ثم تردّه إلى الحياة للحساب والجزاء.
فإذا جاء من عند الله من يخبر بأن بعد هذا الموت حياة أخرى ، وأن الموت ليس نهاية الإنسان ـ فهل يقع هذا عند العقلاء موقع الإنكار؟ وكيف والشواهد كلها تشهد بإمكانيته؟ بل وتقطع بأنه أمر لا بد منه ، من حيث أن هذه الحياة التي لبسها الإنسان بعد العدم ، إنما كانت ليقوم بها على خلافة الله فى الأرض ، حيث بسط سلطانه ـ بعقله ـ على كل ما فى هذا الوجود الأرضى .. ومخلوق هذا شأنه ، لا بد أن يرقى صعدا إلى أفق أعلى من هذا الأفق الأرضى ..
وإن هذه الخلافة التي للإنسان على الأرض ليست خلافة جماعية ، تحمل فيها الجماعة الإنسانية كلها تبعتها ، وإنما هى خلافة يحمل فيها كل فرد مسئوليته ، ويحاسب على ما كان منه ، فيجزى بالإحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا .. وذلك يقضى بأن يردّ الإنسان إلى الحياة مرة أخرى ، ليحاسب ، وليثاب أو يعاقب ..
والسؤال هنا ، هو :
إذا كان كذلك ، وكان لا بد من الحساب والجزاء على ما كان من