إنهم كانوا لا يتوقعون حسابا ، ولا يؤمنون به ، بل كذبوا بآيات الله التي تحدثهم عن البعث والجزاء والحساب ، فلم يعملوا لهذا اليوم حسابا.
والكذاب : وصف للكذب ، ومبالغة فى صفته ، كما أن كذاب (بالفتح) مبالغة لمن اتصف به .. أي أنهم كذبوا بآيات الله تكذيبا منكرا شنيعا ، لما صحب تكذيبهم من سفاهة وتطاول على رسول الله ..
وفى التعبير عن تكذيبهم بالحساب ، بقوله تعالى : «لا يرجون» ، مع أن الرجاء عادة إنما يكون لتوقع الخير ـ فى هذا إشارة إلى أن يوم القيامة ، من شأنه أن يكون أملا مرجوّا عند الناس ، ففيه الحياة الحق ، والخلود الدائم ، والنعيم الكامل ، وأن مقام الإنسان فى الحياة الدنيا هو مقام قلق ، وإزعاج ، لا ينبغى للعاقل أن يقيم وجوده عليه ، بل ينبغى أن يسعى إلى التحول عنه ، والنظر إلى ما وراءه ، والرجاء فى حياة أكرم ، وأفضل ، وأبقى ..
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١١٠ : الكهف)
قوله تعالى :
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ* كِتاباً)
أي وكل شىء كان أو يكون فى هذا الوجود محصّى فى كتاب مبين .. وكذلك أعمال هؤلاء المكذبين الضالين محصاة عليهم ، مسجلة فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
قوله تعالى :
. (فَذُوقُوا .. فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً)