قوله تعالى :
. (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً ، وَالْجِبالَ أَوْتاداً ، وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً ، وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً ، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً ، وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً ، وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً ، وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً ، وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ، لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً ، وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً ..)
هذا عرض لبعض الأدلة والبراهين التي تقوم شاهدة على قدرة الله سبحانه وتعالى ، وعلى ما فى متناول هذه القدرة من التصريف فى عالم الإنسان ، حياة ، وموتا ، وبعثا .. وقد كان من شأنهم ـ لو كان لهم عقول ـ أن يقفوا بين يدى هذه المعارض من قدرة الله ، وأن يقرءوا فى صحفها ما يحدثهم عن جلال الله وقدرته ..
فهذه الأرض ، قد جعلها الله بقدرته القادرة «مهادا» أي فراشا ممهدا ، وبساطا ممدودا ، يتحرك فيها الإنسان ، ويسلك مسالكها ، ويجد وسائل العيش والحياة فيها ..
وهذه الجبال ، قد جعلها الله سبحانه «أوتادا» تمسك الأرض ، حتى لا تميد وتضطرب .. إنها أشبه بالأوتاد التي تشد الخيمة ، وتمسك بها ..
ثم هأتم أيها الناس ، وقد خلقكم الله أزواجا ، ذكرا وأنثى ، حتى تتوالدوا فى هذه الأرض وتتكاثروا ، ويتصل نسلكم فيها ، وتعمر وجوهها بأجيالكم المتعاقبة عليها ..
وليست هذه المزاوجة لكم وحدكم ، أيها الناس ، بل هى أمر عام ينتظم عوالم الأحياء كلها ، من نبات وحيوان .. بل إن هذا الحكم ليمتد ، فيشمل كل ما خلق الله .. فكل مخلوق ، من عالم الجماد ، أو النبات أو الحيوان ، لا يقوم له وجود إلا إذا كان له ما يقابله من جنسه ، مقابلة عنادّيّة ، من شأنها