سورة الفلق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥))
وفيها قولان : أحدهما : أنها مدنيّة ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال قتادة في آخرين. والثاني : أنها مكّيّة ، رواه كريب عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وعطاء ، وعكرمة ، وجابر. والأول أصحّ ، ويدل عليه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سحر وهو مع عائشة ، فنزلت عليه المعوّذتان.
(١٥٨٧) فذكر أهل التفسير في سبب نزولهما : أنّ غلاما من اليهود كان يخدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلم يزل به اليهود حتى أخذ مشاطة رأس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعدّة أسنان من مشطه ، فأعطاها اليهود فسحروه فيها. وكان الذي تولّى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي. ثم دسّها في بئر لبني زريق ، يقال لها : بئر ذروان. ويقال : ذي أروان ، فمرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وانتثر شعر رأسه ، وكان يرى أنه يأتي النساء وما يأتيهنّ ، ويخيّل إليه أن يفعل الشيء ، وما يفعله ، فبينا هو ذات يوم نائم أتاه ملكان ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما للآخر : ما بال الرجل؟ قال : طبّ. قال : وما طبّ؟ قال : سحر. قال : ومن سحره؟ قال : لبيد بن الأعصم. قال : وبم طبّه؟ قال : بمشط ومشاطة. قال : وأين هو؟ قال : في جفّ طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان. والجفّ : قشر الطّلع. والرّاعوفة : صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت. فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقّي عليها ، فانتبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا عائشة أما شعرت أنّ الله أخبرني بدائي ، ثم بعث عليّا ، والزّبير ، وعمّار بن ياسر ، فنزحوا ماء تلك البئر ، ثم رفعوا الصخرة ، وأخذوا الجفّ ، وإذا فيه مشاطة رأسه ، وأسنان مشطه ، وإذا وتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبرة ، فأنزل الله عزوجل المعوّذتين ، فجعل كلّما قرأ آية انحلّت عقدة. ووجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خفّة حين انحلّت العقدة الأخيرة ، وجعل جبريل يقول : بسم الله أرقيك من كلّ شيء يؤذيك ، ومن حاسد وعين ، والله يشفيك. فقالوا : يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث فنقلته؟ فقال : «أمّا أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن أثير على الناس شرّا».
____________________________________
(١٥٨٧) ذكره الحافظ ابن كثير ٤ / ٦١٤ ـ ٦١٥ بأتم منه ، ونسبه للثعلبي ، وقال : هكذا أورده بلا إسناد ، وفيه غرابة ، وفي بعضه نكارة شديدة. ولبعضه شواهد مما تقدم ، والله أعلم. وانظر ما بعده.