ورث الدنيا ، ولمن يورّثها؟ فنزلت هذه السورة ، قاله قتادة ، والضّحّاك. وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ «أحد الله» وقرأ أبو عمرو «أحد الله» بضمّ الدال ، ووصلها باسم الله. قال الزّجّاج : هو كناية عن ذكر الله عزوجل. والمعنى : الذي سألتم تبيين نسبته هو الله. و«أحد» مرفوع على معنى : هو أحد ، فالمعنى : هو الله ، وقرئت «أحد الله الصمد» بتنوين أحد ، وقرئت «أحد الله الصمد» بترك التنوين ، وقرئت بإسكان الدال «أحد الله» وأجودها الرفع بإثبات التنوين ، وكسر التنوين لسكونه وسكون اللام في «الله» ، ومن حذف التنوين ، فلالتقاء الساكنين أيضا ، ومن أسكن أراد الوقف ثم ابتدأ «الله الصمد» وهو أردؤها.
فأمّا «الأحد» فقال ابن عباس ، وأبو عبيدة : هو الواحد. وفرّق قوم بينهما. وقال أبو سليمان الخطّابي : الواحد : هو المنفرد بالذّات ، فلا يضاهيه أحد.
والأحد : هو المنفرد بالمعنى ، لا يشاركه فيه أحد. وأصل «الأحد» عند النّحويين : الوحد ، ثم أبدلوا عن الواو الهمزة وفي «الصّمد» أربعة أقوال:
(١٥٨٦) أحدها : أنه السّيد الذي يصمد إليه في الحوائج ، رواه ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وروى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : (الصَّمَدُ) : السّيّد الذي كمل في سؤدده. وقال أبو عبيدة : هو السيّد الذي ليس فوقه أحد. والعرب تسمي أشرافها : الصّمد. قال الأسدي :
لقد بكّر النّاعي بخيري بني أسد |
|
بعمرو بن مسعود وبالسّيد الصّمد |
وقال الزّجّاج : هو الذي ينتهي إليه السّؤدد ، فقد صمد له كلّ شيء أي قصد قصده. وتأويل صمود كلّ شيء له : أنّ في كلّ شيء أثر صنعه. وقال ابن الأنباري : لا خلاف بين أهل اللغة أنّ الصّمد : السيّد الذي ليس فوقه أحد تصمد إليه الناس في أمورهم وحوائجهم.
والثاني : أنه الذي لا جوف له ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وابن جبير ، وعكرمة ، والضّحّاك ، وقتادة ، والسّدّيّ. وقال ابن قتيبة : وكان الدال من هذا التفسير مبدلة من تاء ، والمصمت من هذا. والثالث : أنه الدائم. والرابع : الباقي بعد فناء الخلق ، حكاهما الخطّابي وقال : أصحّ الوجوه الأول ، لأنّ الاشتقاق يشهد له ، فإنّ أصل الصّمد : القصد. يقال : أصمد صمد فلان ، أي اقصد قصده. فالصّمد : السيّد الذي يصمد إليه في الأمور ، ويقصد في الحوائج.
قوله عزوجل : (لَمْ يَلِدْ) قال مقاتل : لم يلد فيورّث (وَلَمْ يُولَدْ) فيشارك ، وذلك أنّ مشركي العرب قالوا : الملائكة بنات الرّحمن. وقالت اليهود : عزير ابن الله ، وقالت النّصارى : المسيح ابن الله ، فبرّأ الله نفسه من ذلك.
وقوله عزوجل : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) قرأ الأكثرون بالتثقيل والهمز. ورواه حفص بالتثقيل وقلب الهمز واوا. وقرأ حمزة بسكون الفاء. والكفء : المثل المكافئ. فيه تقديم وتأخير ، تقديره : ولم يكن له أحد كفوا ، فقدّم وأخّر لتتّفق رؤوس الآيات.
____________________________________
مكية ، وأخبار اليهود وسؤالاتهم مدنية ، والراجح في ذلك الحديث ١٥٨٣.
(١٥٨٦) لم أقف عليه ، وتفرد المصنف بذكره دون سائر المفسرين أمارة لوهنه أو وضعه لخلوه عن كتب الحديث والأثر والتفسير ، ولو صح مرفوعا ما اختلف المفسرون في تأويل «الصمد».