قال نعيم بن حمّاد : نا ابن المبارك قال : ما رأيت أحدا ارتفع مثل ما ارتفع مالك ، من رجل لم يكن له كثير صلاة ، إلّا أن تكون له سريرة (١).
وقال أشهب : رأيت أبا حنيفة بين يدي مالك كالصّبيّ بين يدي أبيه.
وقال أبو مصعب : سمعت مالكا يقول : سألني أبو جعفر عن أشياء ثم قال : أنت والله أعقل الناس ، وأنت أعلم النّاس.
قلت : لا والله يا أمير المؤمنين.
قال : بلي ، ولكنّك تكتم. والله لو بقيت لأكتبنّ قولك كما تكتب المصاحف ، ولأبعثنّ به إلى الآفاق ، فأحملهم عليه.
حفص بن عبد الله : سمعت إبراهيم بن طهمان يقول : أتيت المدينة فكتبت بها ثم قدمت الكوفة فأتيت أبا حنيفة ، فسلّمت عليه ، فقال لي : عمّن كتبت؟ أكتبت عن مالك شيئا؟ قلت : نعم. قال : جئني بما كتبت عنه.
فأتيته به فدعا بقرطاس ودواة ، فجعلت أملّ عليه وهو يكتب. وقال نصر بن عليّ ، نا حسين بن عروة قال : قدم المهديّ فبعث إلى مالك بألفي دينار ، أو قال بثلاثة آلاف دينار.
قال قتيبة : كنّا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مكحّلا مزيّنا مطيّبا قد لبس من أحسن ثيابه ، ثم تصدّر فدعا بالمراوح ، فأعطى لكلّ إنسان منا مروحة.
ابن سعد (٢) : نا محمد بن عمر قال : كان مالك يشهد الصّلوات والجمعة والجنائز ، ويعود المرضي ويقضي الحقوق ، ويجلس في المسجد. ثم ترك الجلوس في المسجد ، فكان يصلّي ويرجع إلى منزله. وترك شهود الجنائز فكان يأتي أصحابها فيعزّيهم ، ثم ترك ذلك كلّه حتّى ترك الجمعة. واحتمل الناس ذلك كلّه وكانوا أرغب ما كانوا فيه وأشدّه له تعظيما ، حتّى مات على ذلك.
وكان ربّما كلّهم في ذلك فيقول : ليس كل واحد يقدر أن يتكلّم بعذره (٣).
__________________
(١) حلية الأولياء ٦ / ٣٣٠.
(٢) قول ابن سعد ليس في المطبوع من (الطبقات الكبرى) ، وهو في «الديباج المذهب».
(٣) وفيات الأعيان ٤ / ١٣٦.