الإمام ، لا أنّه قبله عن اختيار وحرية ، والخوارج هم الذين فرضوه عليه ، ولم يكتفوا بذلك حتى فرضوا عليه صيغة التحكيم ووثيقته ، وحتى المحكّم الذي يشارك فيه مع مندوب معاوية ، إلّا أنّ هذا الاعوجاج الفكري صار سببا لتشكّل فرقتين متخاصمتين إلى عهود وقرون.
وبذلك يفترق اختلافهم مع اختلاف أمثال طلحة والزبير ومعاوية إذ لم يكن اختلافهم حول المبادئ وإنّما طمعوا أن يكونوا خلفاء و ... ولذلك لم يثيروا إلّا مشاكل سياسية دموية ، بخلاف اختلاف الخوارج فإنّ اختلافهم كان حول المبادئ وكانوا يردّدون كلمة «لا حكم إلّا لله» وكان علي وحواريّه الجليل ابن عباس يحتجّان عليهم بالقرآن والسنّة.
وبظهور الخوارج على الصعيد الإسلامي ، ورفضهم التحكيم ، طرحت مسائل أخرى بين المسلمين شكّلت مسائل كلامية عبر القرون ، وهي :
٢. حكم مرتكب الكبيرة :
إنّ الخوارج كانوا يحبّون الشيخين ويبغضون الصهرين ، بمعنى أنّهم كانوا يوافقون عثمان في سني خلافته إلى ستّ سنين ، ولمّا ظهر منه التطرّف والجنوح إلى النزعة الأموية ، واستئثار الأموال أبغضوه ، وأمّا علي عليهالسلام فقد كانوا مصدّقيه إلى قضية التحكيم ، فلما فرض عليه التحكيم وقبل هو ذلك المخطّط عن ضرورة واضطرار ، خالفوه ووصفوه باقتراف الكبيرة ، ـ فعند ذاك ـ نجمت مسألة كلامية وهي ما هو حكم مرتكب الكبيرة؟ وقد استفحل أمرها أيام محاربة الخوارج مع الأمويين الذين كانوا معروفين بالفسق والفجور ، وسفك الدماء وغصب الأموال ، فكان الخوارج يحاربونهم بحجّة أنّهم كفرة لا حرمة لدمائهم ولا أعراضهم ولا نفوسهم لاقترافهم الكبائر.