فإن ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادّا ، وإن انتهوا إلى معصية فشاء أن يمنّ عليهم بأن يحول بينهم وبينها ، فعل ، وإن لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبرا ، ولا ألزموها كرها ، بل منّ عليهم بأن بصّرهم وعرّفهم وحذّرهم وأمرهم ونهاهم ، لا جبلا لهم على ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة ، ولا جبرا لهم على ما نهاهم عنه ، ولله الحجة البالغة ، فلو شاء لهداكم أجمعين ، والسلام على من اتّبع الهدى» (١).
مكافحة السبطين للتشبيه :
قد كان للأحبار والرهبان دور خاص في بثّ أحاديث التجسيم بين المسلمين ، فكان القول به فاشيا بين أهل الحديث ولكن السبطين كافحاه بخطبهم وكلامهم.
وقد خطب الحسن بن علي عليهالسلام وقال : «الحمد لله الذي لم يكن فيه أوّل معلوم ، ولا آخر متناه ، ولا قبل مدرك ، ولا بعد محدود ، فلا تدرك العقول أوهامها ، ولا الفكر وخطراتها ، ولا الألباب وأذهانها صفته فتقول : متى ولا بدئ ممّا ، ولا ظاهر على ما ، ولا باطن فيما» (٢).
سؤال نافع بن الأزرق عن الإله الذي يعبد :
كان نافع بن الأزرق من رءوس الخوارج وكان من المتطرّفين ، فقد عكف على باب الإمام في التعرّف على معرفة ربّه ، وكان يتعلّم من ابن عباس ما يجهله من مفاهيم القرآن ، نقل عكرمة عن ابن عباس أنّه بينما كان يحدّث الناس إذ قام إليه
__________________
(١) ابن شعبة الحرّاني : تحف العقول : ٢٣٢ ؛ المجلسي : بحار الأنوار : ٥ / ٤٠ ح ٦٣ ؛ الكراجكي : كنز الفوائد : ١١٧ ، ط ١.
(٢) نور الثقلين : ٥ / ٢٣٦.