ولهذه النكتة لم يصدق الأئمة أحدا ادعى الصحبة بعد الغاية المذكورة. وقد ادعاها جماعة فكذّبوا ، وكان آخرهم رتن الهندي على ما سنذكر تراجمهم كلهم في القسم الرابع ، لأن الظاهر كذبهم في دعواهم على ما قررته.
ثم من لم يعرف حاله إلا من جهة نفسه فمقتضى كلام الآمديّ الّذي سبق ومن تبعه ألا تثبت صحبته. ونقل أبو الحسن بن القطّان فيه الخلاف ورجّح عدم الثبوت. وأما ابن عبد البر فجزم بالقبول بناء على أن الظاهر سلامته من الجرح ، وقوي ذلك بتصرف أئمة الحديث في تخريجهم أحاديث هذا الضرب في مسانيدهم. ولا ريب في انحطاط رتبة من هذا سبيله عمن مضى. ومن صور هذا الضرب أن يقول التابعي : أخبرني فلان [مثلا] (١) أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول ، سواء أسماء أم لا. أما إذا قال أخبرني رجل ، مثلا عن النبي صلىاللهعليهوسلم بكذا فثبوت الصحبة بذلك بعيد ، لاحتمال الإرسال. ويحتمل التفرقة بين أن يكون القائل من كبار التابعين ، فيرجح القبول ، أو صغارهم فيرجح الرد. ومع ذلك فلم يتوقف من صنّف في الصحابة في إخراج من هذا سبيله في كتبهم. والله تعالى أعلم (٢).
ضابط : (٣) يستفاد من معرفته صحبة جمع كثير يكتفى فيهم بوصف يتضمّن أنهم صحابة ، وهو مأخوذ من ثلاثة آثار : الأول : أخرج [ابن أبي شيبة] (٤) من طريق قال : كانوا لا يؤمّرون في المغازي إلا الصحابة ، فمن تتبع الأخبار الواردة في الردّة والفتوح وجد من ذلك شيئا كثيرا ، وهم من القسم الأول.
الثاني : أخرج الحاكم من حديث عبد الرحمن بن عوف قال : كان لا يولد لأحد مولود. إلا أتي به النبي صلىاللهعليهوسلم فدعا له ، وهذا يؤخذ منه شيء كثير أيضا ، وهم من القسم الثاني.
[الثالث] (٥) : وأخرج [ابن عبد البر] (٦) من طريق [....] (٧) قال : لم يبق بمكة والطائف [أحد في سنة عشر] (٨) إلّا أسلم ، وشهد حجة الوداع. هذا وهم في نفس الأمر
__________________
ـ نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة عام وهي حية يومئذ. قال الحاكم قد أخرج مسلم هذا الحديث بهذا الإسناد في الصحيح ووافقه الذهبي.
(١) سقط في د.
(٢) في د والله تعالى أعلم.
(٣) هذا الضابط كله سقط في أ ، د.
(٤) بياض في ه.
(٥) سقط في ج ، ه.
(٦) ، (٧) ، (٨) بياض في ج ، ه.
الإصابة/ج١/م١١