داحس والغبراء بين بني عبس (١) وفزارة ، وحرب ابني وائل : بكر وتغلب ، ثم حمل الحاملان دماءهم ، والحاملان : خارجة بن سنان والحارث بن عوف ، فبعث الله النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقد بقي على الحارث بن عوف شيء من دمائهم ، فأهدره في الإسلام.
وكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم خطب إليه ابنته ، فقال : لا أرضاها لك ، إنّ بها سوءا ولم يكن بها ،
فرجع فوجدها قد برصت ، فتزوجها ابن عمها يزيد بن جمرة المزني ، فولدت له شبيبا ، فعرف بابن البرصاء. واسم البرصاء قرصافة ، ذكر ذلك الرشاطيّ.
وقال غيره : وقال أبوها : إن بها بياضا ، والعرب تكني عن البرص بالبياض ، فقال : لتكن كذلك ، فبرصت من وقتها.
وقال الواقديّ : حدّثني عبد الرحمن بن إبراهيم المدني عن أشياخه ، قالوا : قدم وفد بني مرة ثلاثة عشر رجلا رأسهم الحارث بن عوف ، وذلك منصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم من تبوك.
فنزلوا في دار بنت الحارث ، ثم جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في المسجد ، فقال الحارث : يا رسول الله : إنّا قومك وعشيرتك ، إنا من لؤيّ بن غالب ... فذكر القصّة.
وقال الزّبير : حدّثني عمّي مصعب أن الحارث بن عوف أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : ابعث معي من يدعو إلى دينك فأنا له جار. فأرسل معه رجلان من الأنصار ، فغدر به عشيرة الحارث فقتلوه ، فقال حسان :
يا حار من يغدر بذمّة جاره |
|
منكم فإنّ محمّدا لا يغدر (٢) |
[الكامل]
الأبيات.
فجاء الحارث فاعتذر ، وودى الأنصاريّ ، وقال : يا محمد ، إني عائذ بك من لسان حسّان.
__________________
(١) عبس بن بغيض : بطن عظيم من غطفان ، من قيس بن عيلان ، من العدنانية وهم : بنو عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وكانت منازلهم بنجد ، وتنسب إلى عبس هؤلاء محلة بالكوفة فيها مسجد ، وقد سكنوا بلبيس ، وهي مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ على طريق الشام ، تعد عبس من القبائل المحاربة ، فمن أيامهم العظيمة : يوم داحس والغبراء ، وهو لعبس على فزارة ، وذبيان ، وبقيت نار الحرب مستعرة مدة مديدة بسبب هذين القرشيين ، وقصتهما مشهورة. انظر : معجم قبائل العرب ٢ / ٧٣٨ ، ٧٣٩.
(٢) ينظر هذا البيت في أسد الغابة البيت الأول من بيتين ترجمة رقم (٩٤١) وفي ديوان حسان ١٧٢ ، ١٧٣ وفي الاستيعاب ترجمة رقم (٤٣٤) البيت الأول.