وله ذكر وحديث آخر في الصحيح أنه قال لأبي طالب : «أترغب في ملّة عبد المطلب ..» الحديث ـ في قصة موت أبي طالب.
وروى ابن أبي الزّناد ، عن أبيه ، عن عروة ، عن عبد الله بن أبي أمية أنه أخبره قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلي في بيت أم سلمة في ثوب واحد ملتحفا به (١) أخرجه البغوي ، وفيه وهم ، لأن موسى بن عقبة وابن إسحاق وغيرهما ذكروا أنّ عبد الله ابن أمية استشهد بالطائف ، فكيف يقول عروة إنه أخبره ، وعروة إنما ولد بعد النبي صلىاللهعليهوسلم بمدة ، فلعله كان فيه : عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية ، فنسب في الرواية إلى جده ، أو يكون الّذي روى عنه عروة أخ آخر لأمّ سلمة اسمه عبد الله أيضا.
وقد مشى الخطيب على ذلك في «المتفق» ، وقد وجدت ما يؤيد هذا الأخير ، فإنّ ابن عيينة روى عن الوليد بن كثير ، عن وهب بن كيسان : سمعت جابر بن عبد الله يقول : لما قدم مسلم بن عقبة المدينة بايع الناس ، يعني بعد وقعة الحرّة ، قال : وجاءه بنو سلمة فقال : لا أبايعكم حتى يأتى جابر ، قال : فدخلت على أم سلمة أستشيرها ، فقالت : إني لأراها بيعة ضلالة ، وقد أمرت أخي عبد الله بن أبي أمية أن يأتيه فيبايعه. قال : فأتيته فبايعته.
ويحتمل في هذا أيضا أن يكون الصواب فأمرت ابن أخي ، وإلى ذلك نحا ابن عبد البرّ في «التمهيد».
قال مصعب الزّبيري : كان عبد الله بن أبي أمية شديدا على المسلمين ، وهو الّذي قال للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) [الإسراء : ٩٠] ، وكان شديد العداوة له ، ثم هداه الله إلى الإسلام ، وهاجر قبل الفتح ، فلقي النبيّ صلىاللهعليهوسلم بطرف مكة هو وأبو سفيان بن الحارث.
وبنحو ذلك ذكر ابن إسحاق ، قال : فالتمسا الدخول عليه ، فمنعهما ، فكلمته أمّ سلمة ، فقالت : يا رسول الله ، ابن عمك ـ تعني أبا سفيان ، وابن عمتك ـ تعني عبد الله ، فقال : «لا حاجة فيهما ، أمّا ابن عمّي فهتك عرضي ، وأما ابن عمّتي فقال لي بمكة ما قال» (٢) ، ثم أذن لهما ، فدخلا وأسلما وشهدا الفتح وحنينا والطائف.
__________________
(١) أورده الهيثمي في الزوائد ٢ / ٥١ ، عن عبد الله بن المغيرة المخزومي وقال رواه أحمد مخالفا بين طرفيه ذكره من رواية أخرى ورجاله ثقات.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٤٣ عن ابن عباس بزيادة في أوله وآخره قال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.