فخرج بالعير ، وكان أبيض طويلا جعدا ، فتخلّق ولبس ثوبين أصفرين ، وشهر نفسه ، وقعد بباب كسرى ، حتى أذن له ، فدخل عليه وشبّاك بينه وبينه ، فقال الترجمان : يقول لك : ما أدخلك بلادي بغير إذني؟ فقال : لست من أهل عداوة لك ، ولم أكن جاسوسا ، وإنما حملت تجارة ، فإن أردتها فهي لك ، وإن كرهتها رددتها ، قال : فإنه ليتكلم إذ سمع صوت كسرى ، فخرّ ساجدا ، فقال له الترجمان : يقول لك : ما أسجدك؟ قال : سمعت صوتا مرتفعا حيث لا ترتفع الأصوات ، فظننته صوت الملك ، فسجدت قال : فشكر له ذلك ، وأمر بمرفقة فوضعت تحته ، فرأى فيها صورة الملك فوضعها على رأسه ، فقال له الحاجب : إنما بعثنا بها إليك لتقعد عليها ، فقال : قد علمت ، ولكني رأيت عليها صورة الملك فوضعتها على أكرم أعضائي. فقال : ما طعامك في بلادك؟ قال : الخبز. قال : هذا عقل الخبز ، ثم اشترى منه التجارة بأضعاف أثمانها ، وبعث معه من بنى له أظما بالطائف ، فكان أول أطم بني بالطائف.
وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، وقال إسحاق بن راهويه في مسندة : أنبأنا عيسى بن يونس ، وإسماعيل ، قالا : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ـ أنّ غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، اختر منهن أربعا.
ورواه الترمذي عن هناد ، عن عبيدة ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن معمر ، ثم قال : هكذا رواه معمر. وسمعت محمدا يقول : هذا غير محفوظ ، والصحيح ما رواه شعيب عن الزهري ، قال : حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أنّ غيلان ... فذكره.
قلت : رواه جماعة من أهل البصرة عن معمر ، وأخرجه أحمد ، عن محمد بن جعفر غندر ، وعبد الأعلى ، وإسماعيل بن عليّة ، عنه ورواه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي يعلى ، عن أبي خيثمة ، عن ابن عليّة.
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق كثير ، عن معمر ، ويقال : إنّ معمرا حدّث بالبصرة بأحاديث وهم فيها ، لكن تابعهم عبد الرزاق.
ورويناه في المعرفة لابن مندة عاليا ، قال : أنبأنا محمد بن الحسين ، أنبأنا أحمد بن يوسف ، حدثنا عبد الرزاق ، به ، لكن استنكر أبو نعيم ذلك ، وقال : إن الأثبات رووه عن عبد الرزاق مرسلا ، ثم أخرجه من طريق إسحاق بن راهويه ، عن عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ـ أنّ غيلان بن سلمة. فذكره.
وروى عن يحيى بن أبي كثير ، وهو من شيوخ معمر ، عن معمر ، أخرجه أبو نعيم من طريقه.