فأسلمت ، ثم قلت : الأمان يا رسول الله ، أنا كعب بن زهير قال : «أنت الّذي تقول»؟ والتفت إلى أبي بكر. فقال : كيف؟ قال : فذكر الأبيات الثلاثة ، فلما قال فأنهلك المأمور فقلت : يا رسول الله ، ما هكذا قلت ، وإنما قلت المأمون قال : «مأمون والله» وأنشده القصيدة التي أولها : بانت سعاد ، وساق القصيدة.
ووقعت لنا بعلو في جزء إبراهيم بن ديزيل الكبير ، وأخرج ابن قانع من طريق الزّبير بن بكّار ، عن بعض أهل المدينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : لما انتهى إلى كعب بن زهير قتل ابن خطل ، وكان بلغه أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أوعده بما أوعد به خطل قيل لكعب : إن لم تدارك نفسك قتلت ، فقدم المدينة ، فسأل عن أرق أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فدلّ على أبي بكر ، فأخبره خبره ، فمشى أبو بكر وكعب على أثره ، وقد التثم حتى صار بين يدي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : رجل يبايعك ، فمدّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يده ، فمدّ كعب يده فبايعه ، وأسفر عن وجهه ، فأنشده قصيدته التي يقول فيهأ :
نبّئت أنّ رسول الله أوعدني |
|
والعفو عند رسول الله مأمول |
[البسيط]
وفيها (١) :
إنّ الرّسول لنور يستضاء به |
|
مهنّد من سيوف الله مسلول (٢) |
[البسيط] فكساه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بردة له ، فاشتراها معاوية من ولده ، فهي التي يلبسها الخلفاء في الأعياد.
وقال ابن أبي الدّنيا : حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا عمر بن علي ، حدثنا زكريا ـ هو ابن أبي زائدة ، عن الشعبي ، قال : أنشد النابغة الذبيانيّ النعمان بن المنذر :
تراك الأرض (٣) إمّا متّ خفّا |
|
وتحيا ما حييت بها (٤) ثقيلا (٥) |
[الوافر]
__________________
(١) في أ : ومنها.
(٢) ينظر البيتان في أسد الغابة ت (٤٤٦٤) ، الاستيعاب ت (٢٢١٧) ، وديوانه ص ٦٥ ، وسيرة ابن هشام : ٢ / ٥٠٣ ، ٥١٣ ، ورواية الشعر والشعراء «نبئت» وفي عجزه مبذول مكان مأمول.
(٣) في أ : الأرض إذا.
(٤) في أ : مكيلا.
(٥) البيت للنابغة الذبيانيّ كما في ديوانه ص ٧١ وبعده.