الغرض من إنشائها منه ـ تعالى ـ بأمر (كُنْ) سوى أمر الله.
وأوسطها ما يكون لعين الكلام مقصود آخر إلّا أنّه مرتّب عليه ترتّبا لزوميّا من غير تخلّف وانفكاك ، كأمره ـ تعالى ـ للملائكة المدبّرين في طبقات الأفلاك بما عليهم أن يفعلوا ، فلا جرم (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [٦٦ / ٦] ؛ وكذلك الملائكة الأرضيّة الموكّلة على الجبال والبحار ـ وغيرهما ـ.
وأدناها ما يكون لعين الكلام مقصود آخر ـ قد يتخلّف عنه وقد لا يتخلّف ـ وفيما لا يتخلّف أيضا إمكان التخلّف والعصيان إن لم يكن حافظ عاصم من الخطأ ، وهذا كأوامر الله وخطاباته للمكلّفين من الجنّ والإنس بواسطة إنزال الكتب وإرسال الرسل ، فمنهم من أطاع ومنهم من عصى.
فصل [٣]
[أمّ الكتاب والكتاب المبين]
قد دريت أنّ صور جميع ما أوجده الله من ابتداء العالم إلى انتهائه منتقشة في العالم العقليّ ، نقشا لا يشاهد بهذه العين ، وكذا في عالم النفوس السماويّة وقواها الجزئيّة.
فهذه العوالم كلّها ـ كلّيها وجزئيّها ـ كتب إلهيّة ودفاتر سبحانيّة لإحاطتها بكلمات الله التامّات.