والكلام إذا تشخّص وتنزّل صار كتابا ، كما أنّ الأمر إذا تنزّل صار فعلا ، كقوله : (كُنْ فَيَكُونُ) [٣٦ / ٨٢].
ومن هنا قيل : الكلام بسيط أمريّ دفعيّ ، والكتاب مركّب خلقيّ تدريجيّ ؛ وعالم الأمر خال عن التضادّ والتكثّر والتجدّد والتغيّر ، كما قال ـ عزوجل ـ : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [٥٤ / ٥٠]. وقال : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١) [١٦ / ٤٠].
وأمّا عالم الخلق فمشتمل على التضادّ والتكثّر : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [٦ / ٥٩].
فصل [٢]
[أقسام الكلام باعتبار الغاية]
قال بعض أهل التحقيق (٢) :
الكلام على ثلاثة أقسام :
أعلاها ما يكون عين الكلام مقصودا أوّليّا ولا يكون بعده مقصود آخر لشرف وجوده وتماميّة كونه ولكونه غاية لما دونه وهذا مثل إبداعه عزوجل عالم الأمر بأمر (كُنْ) ـ لا غير ـ وهي كلمات الله التامّات التي لا تنفد ولا تبيد ، إذ ليس
__________________
(١) ـ في النسخة : (انما أمرنا ...) والتصحيح من القرآن الكريم.
(٢) ـ مفاتيح الغيب : المفتاح الأول ، الفاتحة الثالثة : ١٨.
الأسفار الأربعة : ٧ / ٥. المبدأ والمعاد : ١٢٧ ملخصا.