ابن طولون على منابر الثّغر ، فسار أحمد بن طولون من مصر حتّى نزل أذنة ، وقد تحصّن بها يازمان الخادم ، وفعل ذلك أهل طرسوس ، فأقام ابن طولون مدّة على أذنة ، فلم يظفر بها بطائل ، فعاد إلى دمشق (١).
[أخذ لؤلؤ قرقيسيا من العقيليّ]
وفيها افتتح لؤلؤ قرقيسيا عنوة ، أخذها من ابن صفوان العقيليّ ، وسلّمها إلى أحمد بن مالك بن طوق (٢).
[دخول الموفّق مدينة صاحب الزّنج]
وفيها دخل الموفّق مدينة الخبيث عنوة. وكان الخبيث عند قتل بهبوذ أخذ تركته وأمواله ، وضرب أقاربه بالسّياط ، ففسدت نيّات خواصّه لذلك ، فعبر الموفّق المدينة ونادى بالأمان فتسارع إليه أصحاب بهبوذ ، فأحسن إليهم ، ثمّ دخل المدينة بعد حرب شديد ، وقصد الدّار الّتي سمّاها الخبيث جامعا ، فقاتل أصحابه دونه أشدّ قتال حتّى قتل منهم خلق ، ثمّ هدم أصحاب الموفّق في الدّار وهو يبذل الأموال في الجند لينصحوا ، فهدموها وأتوا بالمنبر الّذي للخبيث ، ففرح وخرج إلى مدينته بعد أن نهب خزائن الخبيث ، وأحرق الأسواق والدّور.
وذلك في جمادى الأولى.
ورمي يومئذ الموفّق بسهم فجرحه ، ثمّ أصبح على القتال ، فزاد عليه الألم بالحركة ، وخيف عليه ، وخافوا قوّة الخبيث عليهم ، وأشاروا عليه بالرحيل إلى بغداد ، فأبى وتصبّر حتّى عوفي وعاد لحرب الخبيث ، وقد رمّم الخبيث ما وهي من مدينته (٣).
[عزم المعتمد على اللحاق بمصر]
وفي نصف جمادى الأولى شخص المعتمد من سرّ من رأى يريد اللّحاق بابن طولون لأمر تقرّر بينهما.
__________________
(١) تاريخ دمشق ٩ / ٦١٣ ، ٦١٤ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٣٩٦ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٤٥.
(٢) تاريخ الطبري ٩ / ٦١٤.
(٣) الخبر مطوّلا في تاريخ الطبري ٩ / ٦١٤ ـ ٦٢٠ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ١٠١ ، ١٠٢ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٣٧٤ ـ ٣٧٧ ، نهاية الأرب ٢٥ / ١٦٣ ـ ١٦٦ ، العبر ٢ / ٣٩ ، دول الإسلام ١ / ١٦٢.