فقال : لو شئت أن أسكّره ببذل (١) الأموال لفعلت حتّى أعبره (٢).
فقال إسماعيل : أنا أعبر إليه. فجمع الدّهاقين وغيرهم ، وجاوز النّهر.
فجاء عمرو فنزل بلخ. فأخذ إسماعيل عليه الطّرق ، فصار كالمحاصر. وندم عمرو ، وطلب المحاجزة ، فلم يجبه ، واقتتلوا يسيرا ، فانهزم عمرو ، فتبعوه ، فتوحّلت دابّته ، فأخذ أسيرا (٣).
وبلغ المعتضد ، فخلع على إسماعيل خلع السّلطنة وقال : يقلّد أبو (٤) إبراهيم كلّ ما كان في يد عمرو بن اللّيث.
[ابن الليث في أسر المعتضد]
ثم بعث يطلب من إسماعيل عمرو ، ويعزم عليه. فما رأى بدّا من تسليمه ، فبعث به إلى المعتضد ، فدخل بغداد على جمل ليشهّره ، فقال الحسين بن محمد بن الفهم (٥) :
ألم تر هذا الدّهر كيف صروفه |
|
يكون يسيرا مرّة (٦) وعسيرا |
وحسبك بالصّفّار نبلا وعزّة |
|
يروح ويغدو في الجيوش أميرا |
__________________
= فاقنع بما في يدك ، واتركني مقيما بهذا الثغر». والنص أيضا في : وفيات الأعيان ٦ / ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، وهو ينقل عن الطبري.
(١) في تاريخ الطبري ١٠ / ٧٦ : «ببدر» ومثله في : وفيات الأعيان ٦ / ٤٢٧ ، وفي الكامل لابن الأثير ٧ / ٥٠١ : «ببذر».
(٢) سيأتي نحو هذا القول بعد قليل.
(٣) انظر الخبر في :
تاريخ الطبري ١٠ / ٧٦ ، والكامل لابن الأثير ٧ / ٥٠١ ، ٥٠٢ ، (وقد أورداه في حوادث سنة ٢٨٧ ه). ووفيات الأعيان ٦ / ٤٢٧ ، وهو باختصار شديد في : العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ١٦٠ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٣٥١ ، والعبر ٢ / ٧٥ ، ودول الإسلام ١ / ١٧٢ ، والبداية والنهاية ١١ / ٨٠ ، ٨١ ، ومآثر الإنافة ١ / ٢٦٧.
(٤) في الأصل : «أبا».
(٥) في الأصل : «الحسن بن محمد بن فهم» كما في : مروج الذهب ٤ / ٢٧٢ ، أما في : الإنباء في تاريخ الخلفاء فهو : «أبو الحسن علي بن الفهم» ـ ص ١٤٧ ، وفي : عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي (المخطوط) ورقة ٨٤ أ : «أبو الحسين علي بن محمد بن الفهم» ، وأقول : الصحيح هو :
الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم أبو علي ، كما سيأتي في ترجمته رقم (٢٣٢) من هذا الجزء.
(٦) في : الإنباء في تاريخ الخلفاء : «يسيرا أمره» ، وفي مروج الذهب : «يكون عسيرا مرة ويسيرا».