[صلاة المكتفي يوم النّحر]
وفيها صلّى المكتفي بالنّاس يوم النّحر بالمصلّى (١).
[خبر مقتل بدر المعتضديّ]
وفيها قتل بدر المعتضديّ. وكان المعتضد يحبّه.
وكان بدر جوادا كريما شجاعا ، وكان يؤثر القاسم بن عبيد الله الوزير ويتعصّب له ، فقال المعتضد : والله لا قتله غيره. فكان كما قال. وذلك أنّ القاسم همّ بنقل الخلافة عند موت المعتضد إلى غير ولده ، وناظر بدرا في ذلك ، فامتنع بدر. فلمّا رأى القاسم ذلك علم أن لا سبيل إلى مخالفة بدر ، إذ كان المستولي على الأمور ، اضطغنها على بدر. وحدث على المعتضد الموت ، وبدر بفارس ، فعمل القاسم على هلاكه.
وكان بين بدر وبين المكتفي تباعد في أيّام أبيه. فأشار القاسم على المكتفي أن يكتب إلى بدر بأن يقيم بفارس ، وأن يبعث إليه بالمال ، وأن يختار من الولايات ما شاء ، ولا يقدم الحضرة. وخوّف المكتفي منه. فكتب إليه مع يأنس الموفّقيّ بذلك ، وبعث إليه بعشرة آلاف ألف درهم. فلمّا وصل إلى بدر فكّر وخاف لبعده من مكر القاسم. فكتب إلى المكتفي يقول : لا بدّ من المصير إلى الحضرة ، وأن أشاهد مولاي.
فقال القاسم له : قد جاهرك بالعصيان ، ولا آمنه عليك. وكاتب القاسم الأمراء الّذين مع بدر بالمصير إلى باب الخليفة. فأوقفوا بدرا على الكتب وقالوا : قم معنا حتّى نجمع بينك وبين الخليفة.
فقال : قد كتبت إليه ، وأنا منتظر جوابه.
ففارقوه ووصلوا إلى بغداد. فجاء بدر فنزل واسطا. فندب القاسم أبا حازم القاضي وقال : اذهب إلى بدر برسالة أمير المؤمنين بالأمان والعهود. فامتنع ، وكان ورعا ، وقال : لم أؤدّي عن الخليفة رسالة لم أسمعها منه؟
قال : أما تقنع بقولي؟
__________________
(١) هذا الخبر اقتبسه ابن تغري بردي عن المؤلّف ـ رحمهالله ـ وأثبته في : النجوم الزاهرة ٣ / ١٢٨ ، وبه زيادة.