وإذا صلّى في ليلة واحدة ركعتين طول اللّيل أغنته عن الصّلات ما بقي (١).
وإذا تصدّق في يوم بجميع ما يملكه أغناه عن الزّكاة (٢).
وإذا بنى بيتا وصام أيّاما وطاف به أغناه عن الحجّ (٣).
فأحضر حامد القضاة وأحضره وقال : أتعرف هذا الكتاب؟
قال : هذا كتاب «السّنن» للحسن البصريّ.
فقال : ألست تدين بما فيه؟
قال : بلى. هذا كتاب أدين الله بما فيه.
فقال له أبو عمر القاضي : هذا فيه نقض شرائع الإسلام.
ثمّ جاراه في الكلام إلى أن قال له أبو عمر : يا حلال الدّم ، من أيّ كتاب نقلت هذا؟
قال : من كتاب «الإخلاص» للحسن البصريّ.
قال : كذبت يا حلال الدّم ، فقد سمعنا الكتاب ، وليس فيه شيء من هذا (٤).
فقال حامد لأبي عمر القاضي : قد أفتيت أنّه حلال الدّم ، فضع خطّك بهذا. فدافع ساعة ، فمدّ حامد يده إلى الدّواة وقدّمها للقاضي وألحّ عليه ، فكتب بأنّه حلال الدّم ، وكتب الفقهاء والعلماء بذلك خطوطهم ، والحلّاج يقول : يا قوم ، لا يحلّ لكم إراقة دمي.
فبعث حامد بخطوطهم إلى المقتدر ، واستأذنه في قتله ، فتأخّر عنه الجواب ، فخاف أن يبدو للمقتدر فيه رأي لما قد استماع من الخواصّ بزهده وتعبّده في الحبس ، فنفّذ إلى المقتدر أنّه قد ذاع كفره وادّعاؤه الرّبوبيّة ، وإن لم يقتل افتتن النّاس ، وتجرّى قوم على الله تعالى والرّسل. فأذن المقتدر في قتله. وطلب حامد صاحب الشرطة محمد بن عبد الصّمد ، وأمره أن يضربه ألف سوط ،
__________________
(١) المنتظم ٦ / ١٦٣.
(٢) المنتظم ٦ / ١٦٣.
(٣) انظر : تكملة تاريخ الطبري ٢٤ ، ونشوار المحاضرة ١ / ١٦٢ ، ١٦٣ ، والمنتظم ٦ / ١٦٣ ، وتاريخ مختصر الدول ١٥٦.
(٤) إلى هنا في : وفيات الأعيان ٢ / ١٤٣.