وكان البساسيريّ يومئذ بواسط ومعه أصحابه ، ففارقه طائفة منهم ورجعوا إلى بغداد ، فوثبوا على دار البساسيريّ فنهبوها وأحرقوها. وذلك برأي رئيس الرّؤساء وسعيه. ثمّ اتّجه عند القائم بأنّه يكاتب المصريّين ، وكاتب الملك الرّحيم يأمره بإبعاد البساسيريّ فأبعده. وكانت هذه الحركة من أعظم الأسباب في استيلاء طغرلبك على العراق (١).
فقدم السّلطان طغرلبك في شهر رمضان بجيوشه ، فذهب البساسيريّ من العراق وقصد الشّام (٢) ، ووصل إلى الرّحبة (٣). وكاتب المستنصر بالله العبيديّ الشّيعي صاحب مصر ، واستولى على الرّحبة وخطب للمستنصر بها فأمدّه المستنصر بالأموال (٤).
وأمّا بغداد فخطب بها للسّلطان طغرلبك بعد القائم (٥) ، ثمّ ذكر بعده الملك الرّحيم وذلك بشفاعة القائم فيه إلى السّلطان.
انقراض بني بويه
ثمّ إنّ السّلطان قبض على الملك الرحيم بعد أيّام ، وقطعت خطبته في سلخ رمضان ، وانقرضت دولة بني بويه (٦) ، وكانت مدّتها مائة وسبعا وعشرين سنة.
وقامت دولة بني سلجوق. فسبحان مبدئ الأمم ومبيدها ، ومردي الملوك ومعيدها.
ودخل طغرلبك بغداد في تجمّل عظيم ، وكان يوما مشهودا دخل معه
__________________
(١) مختصر التاريخ لابن الكازروني ٢٠٥ ، خلاصة الذهب المسبوك للإربلي ٢٦٥ ، العبر ٣ / ٢١٢.
(٢) الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ١٨٨.
(٣) زبدة الحلب لابن العديم ١ / ٢٧٠ ، بغية الطلب ٦ ، الجوهر الثمين ١٩٣ ، تاريخ الخلفاء ٤١٨.
(٤) أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٧ ، ذيل تاريخ دمشق ٨٧ ، بغية الطلب ٦ ، مختصر التاريخ لابن الكازروني ٢٠٥.
(٥) تاريخ مختصر الدول ١٨٤.
(٦) المنتظم ٨ / ١٦٤ ، (١٥ / ٣٤٩) ، العبر ٣ / ٢١٢ ، دول الإسلام ١ / ٢٦٣ ، تاريخ دولة آل سلجوق ١٢.