الوالد. وظهرت شجاعته وكفايته ، وحسن سيرته (١).
[الفتنة بين جيش المستنصر العبيدي والعبيد والعربان]
وفيها ، وفي حدودها وقعت فتنة عظيمة بين جيش المستنصر العبيديّ ، فصاروا فئتين : فئة الأتراك والمغاربة ، وقائد هؤلاء ناصر الدّولة ، أبو عبد الله الحسين بن حمدان (٢) ، من أحفاد (٣) صاحب الموصل ناصر الدّولة بن حمدان ، وفئة العبيد وعربان الصّعيد. فالتقوا بكوم الرّيش (٤) ، فانكسر العبيد ، وقتل منهم وغرق نحو أربعين ألفا ، وكانت وقعة مشهورة (٥).
وقويت نفوس الأتراك ، وعرفوا حسن نيّة المستنصر لهم ، وتجمّعوا وكثروا ، فتضاعفت عدّتهم ، وزادت كلف أرزاقهم ، فخلت الخزائن من الأموال ، واضطربت الأمور ، فتجمّع كثير من العسكر ، وساقوا إلى الصّعيد ، وتجمّعوا مع العبيد ، وجاءوا إلى الجيزة ، فالتقوا هم والأتراك عدّة أيّام ، ثمّ عبر الأتراك إليهم النّيل مع ناصر الدّولة بن حمدان ، فهزموا العبيد (٦).
ثمّ إنّهم كاتبوا أمّ المستنصر واستمالوها ، فأمرت من عندها من العبيد بالفتك بالمقدّمين ، ففعلوا ذلك ، فهرب ناصر الدّولة ، والتفّت عليهم التّرك ، فالتقوا ، ودامت الحرب ثلاثة أيام بظاهر مصر ، وحلف بن حمدان لا ينزل عن فرسه ولا يذوق طعاما حتّى ينفصل الحال. فظفر بالعبيد ، وأكثر القتل فيهم ،
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ٧٨ ، ٧٩ ، تاريخ الزمان ١١٣ ، ١١٤ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٢١ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٥٠ ، ٥١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٩ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٧٦ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٠٦.
(٢) في الكامل ٨ / ١١٥ (طبعة الدار) هو : «ناصر الدولة أبو علي الحسن بن حمدان» ، وكذا في طبعة صادر ١٠ / ٨٠ وفي نهاية الأرب (المخطوط) «الحسين» ، وفي المطبوع ٢٨ / ٢٢٦ «الحسن» ، ومثله في : اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٧٣.
(٣) في الكامل : «من أولاد».
(٤) في : أخبار مصر ١٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٨ «كوم شريك» ، بفتح الشين وكسر الراء ، هي اليوم إحدى قرى مركز كوم حمادة بمديرية البحيرة. (المواعظ والاعتبار ١ / ١٨٣ ، القاموس الجغرافي ج ٢ ق ٢ / ٣٣٩).
(٥) يجعل النويري هذه الحوادث في سنة ٤٥٩ ه. (نهاية الأرب ٢٨ / ٢٢٧).
(٦) اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٧٤ (حوادث سنة ٤٥٩ ه.)