وزالت دولتهم بالقاهرة ، وأخذت منهم الإسكندريّة ، وخلت الدّولة للأتراك ، فطمعوا في المستنصر (١) ، وقلّت هيبته عندهم ، وخلت خزائنه البتّة.
وطلب ابن حمدان العروض ، فأخرجت إليهم ، وقوّمت بأبخس ثمن ، وصرفت إلى الجند. فقيل : إنّ نقد الأتراك كان في الشّهر أربعمائة ألف دينار (٢).
[تغلّب العبيد على ابن حمدان]
وأمّا العبيد فغلبوا على الصّعيد ، وقطعوا السّبل ، فسار إليهم ابن حمدان ، ففرّوا منه إلى الصّعيد الأعلى ، فقصدهم وحاربهم ، فهزموه. وجاء الفلّ إلى القاهرة. ثمّ نصر عليهم وعظم شأنه ، واشتدّت وطأته ، وصارحوا الكلّ ، فحسده أمراء التّرك لكثرة استيلائه على الأموال ، وشكوه إلى الوزير ، فقوّى نفوسهم عليه وقال : إنّما ارتفع بكم.
فعزموا على مناجزته ، فتحوّل إلى الجيزة ، فنهبت دوره ودور أصحابه ، وذلّ وانحلّ نظامه (٣).
[انكسار ابن حمدان أمام المستنصر]
فدخل في اللّيل إلى القائد تاج الملوك شاذي واستجار به ، وحالفه على قتل الأمير إلدكز ، والوزير الخطير. فركب إلدكز فقتل الوزير. ونجا إلدكز ، وجاء إلى المستنصر فقال : إن لم تركب وإلّا هلكت أنت ونحن. فركب في السّلاح ، وتسارع إليه الجند والعوامّ ، وعبّى الجيش ، فحملوا على ابن حمدان فانكسر واستحرّ القتل بأصحابه.
[تغلّب ابن حمدان على خصومه من جديد]
وهرب فأتى بني سنبس ، وتبعه فلّ من أصحابه ، فصاهر بني سنبس وتقوّى بهم ، فسار الجيش لحربه ، فأراد أحد المقدّمين أن يفوز بالظّفر ، فناجزه
__________________
(١) العبر ٣ / ٢٥٧ ، دول الإسلام ١ / ٢٧٥ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٧٦ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٧٣ و٢٧٥ (حوادث سنة ٤٥٩ و٤٦٠ ه.)
(٢) يجعل النويري هذه الحوادث في سنة ٤٦٠ ه. (نهاية الأرب ٢٨ / ٢٢٧) ، اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٧٥ (حوادث سنة ٤٦٠ ه.) و٢٧٦.
(٣) اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٧٦.