بعسكره ، والتقوا فأسره ابن حمدان ، وقتل طائفة من جنده.
ثمّ عدّى إليه فرقة ثانية لم يشعروا بما تمّ ، فحمل عليهم ، ورفع رءوس أولئك على الرّماح ، فرعبوا وانهزموا ، وقتلت منهم مقتلة. وساق وكبس بقيّة العساكر ، فهزمهم ، ونهب الرّيف ، وقطع الميرة عن مصر في البرّ والبحر ، فغلت الأسعار ، وكثر الوباء إلى الغاية ، ونهبت الجند دور العامّة ، وعظم الغلاء ، واشتدّ البلاء (١).
[رواية ابن الأثير عن الغلاء في مصر]
قال ابن الأثير (٢) : حتّى أنّ أهل البيت الواحد كانوا يموتون كلّهم في ليلة واحدة.
واشتدّ الغلاء حتّى حكي أنّ امرأة أكلت رغيفا بألف دينار ، فاستبعد ذلك ، فقيل إنّها باعت عروضها ، وقيمته ألف دينار ، بثلاثمائة دينار ، واشترت به قمحا ، وحمله الحمّال على ظهره ، فنهبت الحملة في الطّريق ، فنهبت هي مع النّاس ، فكان الّذي حصل لها رغيفا واحدا (٣).
[مصالحة الأتراك لناصر الدولة ابن حمدانّ]
وجاء الخلق ما يشغلهم عن القتال ، ومات خلق من جند المستنصر ، وراسل الأتراك الّذين حوله ناصر الدّولة في الصّلح ، فاصطلحوا على أن يكون تاج الملك شاذي نائبا لناصر الدّولة بن حمدان بالقاهرة يحمل إليه المال (٤).
__________________
(١) حتى هنا يجعل النويري هذه الحوادث ضمن سنة ٤٦١ ه. (نهاية الأرب ٢٨ / ٢٢٧ ـ ٢٣٠) ، وهي في سنة ٤٦٣ ه. عند المقريزي. (اتعاظ الحنفا ٢ / ٣٠٥).
(٢) في الكامل ١٠ / ٨٥.
(٣) العبارة في الكامل : «فكان الّذي حصل لها ما عملته رغيفا واحدا» ، وفي نهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٤ «فحصّل لها ما جاء رغيفا واحدا». وانظر : اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٧٨ ، والعبر ٣ / ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ومرآة الجنان ٣ / ٨٩ ، ٩٠ ، وتاريخ الخلفاء ٤٢٢ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣١٨ و٢٩٩.
(٤) يجعل النويري هذه الحوادث في سنة ٤٦٣ ه. (نهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٠) ومثله المقريزي في :
(اتعاظ الحنفا ٢ / ٣٠٦).