[الحرب بين ابن حمدان وتاج الملك شاذي]
فلمّا تقرّر شاذي استبدّ بالأمور ، ولم يرسل إلى ابن حمدان شيئا ، فسار ابن حمدان إلى أن نزل بالجيزة. وطلب الأمراء إليه فخرجوا ، فقبض على أكثرهم ، ونهب ظواهر القاهرة ، وأحرق كثيرا منها ، فجهّز إليه المستنصر عسكرا ، فبيّتوه ، فانهزم. ثمّ إنّه جمع جمعا وعاد إليهم ، فعمل معهم مصافّا ، فهزمهم ، وقطع خطبة المستنصر بالإسكندريّة ودمياط ، وغلب على البلدين وعلى سائر الرّيف. وأرسل إلى العراق يطلب تقليدا وخلعا (١).
[اضمحلال أمر المستنصر]
واضمحلّ أمر المستنصر وخمل ذكره. وبعث إليه ابن حمدان يطلب الأموال ، فرآه الرسول جالسا على حصير ، وليس حوله سوى ثلاثة خدم. فلمّا أدّى الرسالة ، قال : أما يكفي ناصر الدّولة أن أجلس على مثل هذه الحال؟ فبكى الرسول وعاد إلى ناصر الدّولة فأخبره بالحال ، فرق له وأجرى له كلّ يوم (٢) مائة دينار.
وقدم القاهرة وحكم فيها ، وكان يظهر التسنّن ويعيب المستنصر.
وكاتب عسكر المغاربة فأعانوه.
ثمّ قبض على أمّ المستنصر وصادرها.
فحملت خمسين ألف دينار. وكانت قد قلّ ما عندها إلى الغاية.
[تفرّق أولاد المستنصر]
وتفرّق عن المستنصر أولاده وكثير من أهله من القحط (٣) ، وضربوا في البلاد. ومات كثير منهم جوعا ، وجرت عليهم أمور لا توصف في هذه السنة بالدّيار المصرية من الفناء والغلاء والقتل (٤).
__________________
(١) اتعاظ الحنفا ٢ / ٣٠٦.
(٢) في نهاية الأرب ٢٨ / ٢٣١ : «في كل شهر» ، ومثله في : اتعاظ الحنفا ٢ / ٣٠٧.
(٣) يجعل النويري هذه الحوادث إلى هنا في سنة ٤٦٤ ه. (نهاية الأرب ٢٨ / ٢٣١ ، ٢٣٢) ، ومثله المقريزي في : اتعاظ الحنفا ٢ / ٣٠٧.
(٤) انظر : أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر الأزدي ٧٣ ـ ٧٥ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٢٧٩ ، ٢٨٠.